1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : رواية " طجن إلوهيم "
3️⃣ التصنيف : فلسفية ـ واقعية
4️⃣ الكاتبة : ريم جمعة
5️⃣ الصفحات : 160 أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : المحرر للنشر والتوزيع
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐
كترس في رَحى الدنيا يدور
ويصرخُ في البريّةِ بل يثور
رتعتم في ضــلالاتِ الشَّقاء
ودُنيــــــاكم نهايتُـها القُبور
إلامَ السوء يا أهل السلام؟
أفيقوا قبــل أن يأتى الثبور
▪️تصدع الكلمةَ ، تأبى إلا أن تُدافِع ، أن تُناضِل ، أن تُواصِل ، مهما تعدَّدت الأقفال ، مهما تبدَّلت الأحوال ، تأتيك وتناجيك ، تَمدّك بالقوَّة ، وتنتشلك من الهُوَّة ، وتدفَعك إلى الأمام ، وتَرفع عنك الملام ، تثورُ بالحقِّ وفيه تُجاهد ، تنبَعُ بالصِّدق وعليه تُعاهد ، تأبى الركونَ في زمنِ الوَهن ، تأبى السُّكونَ في زمنِ الفِتن ، تقوم وتَرفع الهامَة ، لتَظهر فينا كالشّامَة .
▪️ تَبثُّ موجاتِ الأمل ، تِرياق في زمنِ العِلل ، شعاع النور في جوف الظلام ، رسول العقل في نحو السلام ، وما أروعها لو قُرئت ، وما أمتعها لو فُهِمت ، حين يُطوّعُها الموهوب ، فتبقى رهنَها مجذوب ، فيُعطيك حتى تَرتضى، ويَزيدُ كيما تَهتدي ، وقد فعلت ريم ، بالوعي السليم .
▪️في مكتبتي ثلاثةُ أعمالٍ للدكتورة ريم جمعة: " عذرا ومَلَك الموت" ، و"قرية الأشراف" ، وأخيرًا "طجن إلوهيم " .. ولسوء حظي لم أقفُ على أيٍّ منها إلا قريبًا ، وكان ذلك مع العمل الأخير: "ضَجَن إلوهيم" .. عملٌ رمزيٌّ بامتياز ، في حقيقته المجاز ، شفراتٌ خفيّة ، وشخصيّاتٌ عَتيّة ، وإسقاطاتٌ دقيقة تكشف لنا الواقع والحقيقة .
▪️تغوص في أعماق التاريخ ، من سليمان وحتى الآن ، حول كنزه المزعوم ، والذي بسببه يحدث المعلوم .. أبناؤه يتقاتلون على ميراثه ، ويبحثون عن كنزه ، رغبةً في مُلكه ، وهو الذي قد كان ، وعفى عليه الزمان ، ولو تفكّروا قليلًا...! لفهموا أنه خُصَّ به وحده ، وهبة لا تنبغي لأحد بعده ، وعده بذلك المنان ، فلن يكون لغيره كائنًا من كان.
▪️ولكن متى يُحبُّ الناس الحقيقة؟ ولو رأوها واضحة دقيقة ، في دوائرِ الوهمِ يعيشون ، ومن أجله يُجاهدون ، فيقتلون ويُقتلون ، وما أدراك ما ريبُ المنون! جنونٌ في جنونٍ من جنون للجنون !
▪️إخوةُ الدم ، وأبناءُ العم ، يتفرّقون ويتشتّتون ، عائلاتٌ خمس تحت اسم "الراعي": في حارة ما ، وفي زمان ما ، كان ياما كان ، من سالف العصر والزمان ، إلى الوقت والآن …..
ـ أولهم "عائلة خلدون" ، وابنه داغر، وزوجته شريفة؛ التيّار المتشبّث بالجذور، والقائم على الحماية ، والمتمسك بالنهاية .
ـ وثانيهم "عائلة نيّار"، وابنه ليث، وزوجته ناصرة؛ الحكمة والعلم في ثوبيه الظاهر والباطن ، اللاجئ والقاطن .
ـ وثالثهم "عائلة هَجرَس"، وابنه أخزَم؛ تيّارُ المصلحة الشخصيّة فقط: حيثُما كانت، أَكُون ، وكل ما دونها يهون .
ـ ورابعهم "عائلة أثيلة"، وابنيها أيهم وآبيا؛ رمزيّة التضارب بين الحقّ والباطل، والصواب والخطأ...ومقتول وقاتل .
ـ في مواجهة ابن عمهم "نُعمان"، ذلك الضعيف المسكين الواهن ، الذي عاش في حارتهم بخُبثه وضعفه واستكانته ، مشتتاً طريداً ، مفتتاً شريداً ، كما سيده مذموماً مدحوراً ؛ ليعود معها مسعوراً مغروراً ..
▪️حتى ظهرت بنت السفاح "صابي"، فاتّخذته ذراعًا تبطِش به ، وبيدقاً تلعب به ، وتُحقّق مآربها ، وتنفذ مطالبها ، وسبيلًا للوصول إلى بُغيتها ، ووصولاً لحاجتها ، ذلك الكنز المدفون! وأنَّى لها ذلك! بنت الجنون .
ـ من حيث لا ندري أتت ، من رحم السوء بغت ، بأسلحةٍ ثلاثةٍ حكمتْ عقولهم وأبدانهم ، وتحكّمت في أحوالهم وأيامهم ، وأسماعهم وأبصارهم: فرِّقْ تَسُد، استغلّ تَسُد، أرعبْ تَسُد ، ففرقت وسادت ، واستغلت وأجادت ، وأرعبت وقادت ، وليت قومي يعلمون !
▪️هل جاءت بالسِّحر أم جاءت بالمَكر؟
ـ إن كان الأوّل، فإنَّ السحر الذي تُلقيه صابي ليس طلاسم وتعويذات ولا غموضًا أسطوريًا ، ، بل تجسيدٌ حيٌّ لتلاعُب الواقع: بالإعلام، والدّين، والاقتصاد، وجَهل الشعوب ، وتمويل الباطل والإشادة بالجهل والجهال ، والتعتيم على الرجال .
ـ وأما المكر، فهو قلب الحقائق، وكشفٌ في الدقائق، باختلاق اللعنات ، وبث الخلافات ، وانتشار الوباءات ، وانتظار المختار ليجلب النعيم ؛ تلك اللعنة التي بقاؤها نِقمة، وزوالها جحيم!
ـ وأما الكنز المدفون، فهو رمزٌ لثروات الأمّة، المهدورة في الهراء ، والمحرمة على الفقراء ، تحت أقدام اللامبالاة، والانقسام والطبقية ، والعمى الفكري .
ـ وأما اللعنةُ التي تُصيب الجميع وسرها: "أربعة عشر"؛ لعلّها تلميحٌ تاريخيٌّ إلى محطّاتٍ فاصلة، جميعها سلبتنا السيادة والوعي.
ـ وأما المختار الذي قد يكسر هذه اللعنة، ليس إلا رمزًا للوعي الجمعي إن نَهض، والجهل إن انقرض ، أو لقائدٍ حقيقيّ إن وُلد من رحم الأمة.
▪️هكذا تغرد الكلمة من مصدرها ، وذلك يُفهم من جوهرها ، إذ تقفُ بنا حولَ حقيقةٍ واحدةٍ ، وهي أنَّ "صابي" لم تَظهَرْ بهذه القوَّةِ إلَّا من ضعفِنا ، ولم تستمرَّ إلَّا من خِذلانِنا لأنفسِنا.
ـ وأنَّ "نُعمان" ابنَ العمِّ، الذي استُخدِم منها بهذه الوسيلةِ وذاكَ السبيلِ، ما هو إلا خائنٌ فاسدٌ ضعيفٌ لولاها .. وأنَّ نهايتَه ليست نهايتَها، ولا نهايةَ الشرِّ، بل هي بدايةُ النهايةِ الكبرى.
ـ كيف تُدارُ الأحوال؟ كيف يتمُّ ترتيبُ كلِّ شيءٍ من حولِك ، بدايةً من نفسِك ، إلى أهلِ بيتِك ، إلى شارعِك ، إلى عائلتِك ، إلى حارتِك كلُّها ؟ معركةٌ بين الوعي واللاوعي ، بين الرقود والسعي ، بين الإيمان والكُفران ، بين الإنسان والشيطان.
ـ وأن الآوان قد آن ، ليفطن الإنسان ، ثم لتوقنوا أن الصمتُ ليس إلا قَدَرًا ، ولم يكنْ الصبرُ شيئًا هدرًا .. ولكن: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"، فإذا حل وظهر ، فـ"ما أَمْرُنا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ".
▪️بلغةٍ عربيةٍ عبقرية ، صحيحة مليحة ، مُزيَّنة بالفصاحة مُحلّاة بالبيان ، تنمّ عن حَصافةٍ في العمق والمعاني .. تقوم على الإبداع في انتقاء الألفاظ والعبارات ، والإقناع في الإسقاط والإشارات ، والإمتاع في السرد المتواصل ، والدقة في عرض الحاصل ، والإشباع في حبكةٍ استثنائية ، محكمةٍ أيّما إحكام ، مسوّرةٍ بالفولاذ والحديد ، مُبطّنةٍ بالمعنى الرشيد.
▪️كلّ كلمةٍ فيها لها دلالة ، وكلّ جملةٍ لها إحالة ؛ إذ تجعل من واقعك قصةً مشوّقة ، ورؤيةً مدققة ، وواقعيةً محققة .. فتدخل إلى عالمٍ رسمك ، وترى فيه وسمك ، وتُبصر فيه نفسك ، وتُشاهد في متاهات الوجود حياتك؛ كأنها لا تكتب رواية ، بقدر ما تكتب واقعًا مشفّرًا في قالبٍ فنيٍّ مبهم ، وعرضٍ روائيٍّ مُحكم.
▪️ اقتباسات:
ـ ❞ أتقنت اللعبة حقًّا، فرض الأمر بالقوة في بادئ الأمر، ثم الترويج له بالعلم والدين، ثم القضاء على معارضيها بإلحاق العار بنسلهم وإنشاء جيل يدافع عن أفكارها، فقط لتخرس شفاه المعارضين ❝
ـ ❞ «الكل يبتغي النجاة من السفينة الغارقة بالقفز في البحر غير آبهين بأن لا أحد منهم سباح، وليس هناك طوق نجاة». ❝
ـ ❞ إن أردت أن تخرس أحدًا اعتصر نقطة ضعفه، هاجمه بها ليتحول لمدافع يواري عوار نفسه، بدلًا من أن يظهر عوار فكرك. ❝
#أبجد
#ريم_جمعه
#طجن_إلوهيم
#مراجعات_محمود_توغان