في هذا العمل المميز، يتناول محمد شكري سيرته الذاتية، حاضرة بقسوة وتوحش ولا مجال معها للالتفاف على النص أو التحايل على اللغة، مباشرة جداً وموجعة حد الصفعة على الوجه.
وكما أن العنوان هو عتبة النص، فلم أقرأ عملاً كان عنوانه عتبة للنص كما في الخبز الحافي. حيث أن العنوان جمع بين الحفاء والخبز، فكان الخبز رمزاً للجوع والحفاء رمزاً للفقر، وهو ما تقوم عليه ثيمة العمل وفكرته.
يعد الخبز الحافي الجزء اﻷول من السيرة الذاتية للكاتب المغربي محمد شكري. حيث يتناول شكري طفولته في فترة الخمسينيات حين بدأت الاحتجاجات ضد الإستعمار الفرنسي، إضافة لممارسات الاستعمار الإسباني والذي وضع المغرب في حالة من الفقر سمي بعام الجوع رغم أنها امتدت سنوات طويلة.
يروي شكري عن طفولته في ظل مجاعة وتشرد وعنف أسري، قضى معظم طفولته في الشوارع والمواخير والحانات وأكل الطعام من حاويات القمامة. محمد شكري الذي نشأ في بيت فقير لأب متسلط وأم مستلَبة، ولم يتعلم القراءة والكتابة قبل عمر العشرين؛ حيث كانت هذه النقلة في حياته هي ما أنقذه من الوضع المستفحل والغارق في البؤس الذي كان يعيشه.
إضافة لرحلة البحث عن الخبز، فقد اتسم العمل واتشح أيضاً بثيمة الموت، حيث بدأ الحديث عن الموت منذ مقدمة الطبعة السادسة لهذه السيرة، وأنهى الحديث عنه في الصفحة الأخيرة عندما زار قبر أخيه الذي قُتل على يد والده.
أما عن استفاضة وصف شكري للغريزة الجنسية وشهواته، فإنما كانت سبيله الوحيد للاستمرار ولمقاومة الخوف من الموت وهشاشة الحياة وضياع المعنى.
لغة العمل كانت قاسية، مباشرة ولا ليونة فيها. كما أنها خلت من العاطفة. لم تكن هناك فواصل زمانية ولا مكانية، إنما كتب شكري سيرته وكأنه ابن العاشرة، فلم يكن هناك استرجاع للذكريات، إنما كتبها بصيغة الحاضر.
هذا عمل مميز رغم قسوته، وسيظل حاضراً في ذاكرة القارئ مهما قرأ بعده. وعندما تم انتقاد شكري على فجاجة العمل وصراحته قال:" أنا أكلت من القمامة و نمت في الشوارع، فماذا تريدون أن أكتب عن الفراشات ؟!"