يعد الكتاب دليل المبتدئين في الفلسفه، حيث يقدم المفكر د.عبدالوهاب المسيري جرعة مركزه و عميقة تُلخص توجهات الفلسفات العالمية و التي يغلب عليها المادية دون الإنسانية.
و شخصيا أعتبرت الكتاب مدخل أو أطلس الفلسفه الاسلاميه و مفكريها المعاصرين، و هو تلخيص مركز للتوجه و التصور الإسلامي عبر تنوع مدارسه.
تناول المسيري في فصول الكتاب الأولي تحليل مدارس الفلسفة الغربية المختلفة، حيث فيكو و كانط رواد الدفاع عن الإنسان و الذين حاولوا الإفلات من قبضة المادية بكل عدميتها. و يتضح الفرق بين العقل الآداتي و العقل النقدي و ظاهرة التسلع/التشيؤ و من ثم إختزال ثنائية الانسان و الطبيعة/ المادة إلي الإنسان ذو البعد الواحد حيث المادية العدمية.
سلط الكاتب الضوء علي الداروينية الإجتماعية حيث الهجوم علي الإنسان بقيادة شوبنهاور و نيتشه و تأطير القضاء علي اليقين المعرفي و مفهوم الأخلاق و بالتبعية علي فكرة الوجود الثابت أو الكل الذي يتجاوز الأشياء.
استعرض الكتاب في الفصول التالية الرؤية الإيمانية أو الإسلامية للكون و فلسفته الإنسانية لا المادية و ذلك عبر آراء فلاسفة و مفكرين مسلمين يقدم و يلخص عصارة فكرهم باحثون/كتاب آخرون مشاركون في هذا المؤلف الموسوعي.
و كان تقديم الفلاسفه المعاصرين علي الترتيب كالتالي:
علي عزت بيجوفيتش- رئيس البوسنه و الهرسك- و رؤيته الشاملة عن ثنائية الإسلام العبقرية في المزج بين المادة و القيم/المبادئ .حيث المادية من طين الأرض و القيم الساميه من روح الله .
روجيه جارودي-المفكر الفرنسي- و مبدأ الحركة المزدوجه، حيث عني بها حركة الإنسان و سعيه نحو الله و من ثم عودة رحمة الله و سكينته لتتنزل علي قلب الإنسان مصداقا لقول الله تعالي " إنا لله و إنا إليه راجعون ".
مراد هوفمان - المفكر الألماني- و غاية الإنسان و علاقته بالمتسامي حيث «معرفة الله، وتوجيه الحمد إليه، والانقياد لهديه». كما أبرز فكرة القيم العابره للأزمان التي يعاديها الفكر الغربي و يرفض علي أساسها القيم الروحيه و التي تعد اللجام لأفكار ما بعد الحداثه .
محمد إقبال- المفكر الهندي/ الباكستاني-الذي يرى أن الإنسانية عرفت في تاريخها طورين عظيمين: طور اعتمدت فيه على قواها الروحية ممثلة في الوحي، وطور نسخ ما سبقه وتميز باعتماده على القوى العقلية المنظمة حيث ينتصر إقبال دائمًا للتعدد وللكثرة في الحياة في إطار الواحد ، ويرفض الإصرار على صيغة واحدة للحياة.
مالك بن نبي-المفكر الجزائري- و قضية الأزمة الحضاريه التي يعاني منها المسلمون. حيث يري وجوب التمكن من آدوات الحضاره الإنسانيه حتي يتسني للمسلمين القيام بدور الشهيد علي الأمم الأخري و دعوتهم لإصلاح الدنيا بوسطيتهم.
علي شريعتي- المفكر الإيراني- و قضية الايدلوجيا أو العوده الى الذات و الاشتباك مع التاريخ لا القفز عليه، اشتباك لا يسقط في الحتمية العمياء وإنما يطور حلولًا تركيبية ورؤى عميقة وأطروحات أصيلة واثقة من الذات.
أحمد داود أوغلو- المفكر التركي- و مركزية معني العبوديه.فالكون قطباه إله خالق وإنسان مخلوق وبينهما علاقة محورها مسئولية الإنسان واختياره وألوهية الله الفاعلة التي تتجلى في الكون والوجود عبر هذا الإنسان.
عصمت سيف الدوله- المفكر المصري- و منهج جدل الإنسان. حيث يقدم الإنسان بإعتباره مستخلفاً و مكلفاً بالإعمار في الأرض و مخيراً في ذلك بين الحق و الباطل.
عبدالحميد أبوسليمان- المفكر السعودي- و مشروع إسلامية المعرفه.حيث فكرة تجاوز الحداثه المنفصله عن القيمه.
هل كان كثرة و تنوع الباحثين من خلال عرضهم لفلسفات المفكرين المتعدده ميزة أم عيبا؟ شخصيا أنتابني شعور بعدم الارتياح و قليل من التشتت لاختلاف أسلوب العرض و التحليل بين باحث و آخر.