#مراجعة_كتاب
عنوان الرواية: #مرتفعات_ويذرينغ
المؤلف: #إيميلي_برونتي
التصنيف: #أدب_قوطي/فيكتوري
حين يكون الإضطهاد عنوانا في حياة البشر حتما ستكون النتيجة شخصيات مرتبكة، مهتزة، مضطربة لن تكبح جماحها قوة في العالم.
يقال أن رواية مرتفعات ويذرينغ تُعد من الروايات العاطفية لكنها بالمقابل مظلمة، تميزت فيها الكاتبة بأسلوبها الفريد في تناول الحب والانتقام،وسرد شيق لآخر صفحة.
وظفت الكاتبة أسلوب سرديا متعدد الأصوات إذ تُروى القصة من خلال عدة رواة، أبرزهم "نيللي دين" و"لوكود"، و تقنية الاسترجاع (الفلاش باك) فمزجت قصتين في قصة واحدة وهذا يُضفي طبقات من الغموض والانحياز.
بالنسبة للشخصيات كانت معقدة للغاية، خاصة "هيثكليف"، الذي يُعتبر من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في الأدب. علاقته بـ"كاثرين" مشحونة بالعاطفة والجنون، لكنها بعيدة عن الرومانسية التقليدية، ما يجعل القارئ متأرجحًا بين التعاطف والنفور.فالقصة ليست عن الحب فقط، بل عن عواقب الحب المشوه، وكيف يمكن أن يتحوّل إلى دافع للانتقام والدمار. الحب بين هيثكليف وكاثي ليس مثاليًا، بل مدمرًا.
باختصار:
مرتفعات ويذرينغ ليست رواية رومانسية بالمعنى المتعارف عليه، بل أقرب إلى التراجيديا النفسية، تثير تساؤلات عميقة عن الطبيعة البشرية، عن الحب الذي يتحول إلى لعنة، وعن الكراهية التي لا تموت.
أما الأجواء فكانت مشبعة بالكآبة والعزلة، ما ينعكس في المكان (مرتفعات ويذرينغ) الذي يكاد يكون شخصية بحد ذاته. الطقس القاسي والطبيعة العنيفة يرمزان للتوترات الداخلية في القصة.
التناقضات والأمور غير المنطقية التي أثارت حفيظتي
*هيثكليف: من أين أتى؟ وإلى أين وصل؟
بدايات هيثكليف غامضة جدًا. طفل "لقيط" جاء به الوالد إلى البيت، بدون أصل أو فصل، ثم يتحول فجأة إلى رجل غني صاحب نفوذ وقوة، دون شرح كافٍ لكيفية تحوّله. الرواية تسكت عن التفاصيل، وكأنها تقول: "اقبل ذلك، ولا تسأل".
*حب كاثي وهيثكليف: حب أم تدمير؟
تناقض رهيب: كاثي تقول إنها تحب هيثكليف كروحها، لكنها تتزوج إدغار لأنه "أنسب اجتماعيًا"، رغم علمها أن هيثكليف هو روحها المتمردة. وهيثكليف، بدل أن يتجاوز الجرح، يختار الانتقام المَرَضي اللي دمّر الجميع بما فيهم هو نفسه.
*الانتقام المفرط وغير الواقعي:
خطة هيثكليف للانتقام ممتدة لسنوات وتفصيلية بشكل مبالغ فيه، لدرجة إنه يتحكم في إرث الأطفال، ويزوّج ابنته المريضة من ابن هندلي المسكين، فقط ليحطم الجيل الجديد. هل يمكن أن يخطط إنسان للانتقام بهذه الدقة والبرود؟ الرواية تجعلنا نصدق هذا الحقد المفرط كأنه أمر طبيعي.
*الزمن في الرواية غير دقيق أحيانًا:
الرواية تغطي جيلين، لكن أحيانًا يصعب تتبع الأعمار والأوقات بدقة. هناك بعض التناقضات الزمنية في أعمار الشخصيات أو سرعة تطور الأحداث.
*تصرفات الشخصيات أحيانًا غير واقعية أو متطرفة:
بعض الشخصيات تتصرف بطريقة درامية للغاية، مثلاً:
*كاثي تدخل في حالة مرضية بعد زواجها فقط لأن هيثكليف عاد، وتموت من شدة العاطفة.
*هيثكليف يحفر قبرها ليشعر بقربها!
هذه تصرفات تُعبّر عن شدة الانفعالات، لكنها في الواقع قد تبدو غير منطقية أو حتى مرضية.
التحول المفاجئ في الجيل الثاني:
نهاية الرواية تعطيك بصيص أمل: الجيل الجديد (كاثرين الصغيرة وهيرتون) يتحسن ويتصالح، وهذا فيه تناقض مع الطابع المظلم لبقية الرواية. النهاية جاءت هروبية أو مثالية فجأة.
بالمختصر: الرواية ليست واقعية بشكل صارم، بل أقرب لكابوس عاطفي، فيها مبالغات درامية ونفسية، لكنها تخدم جوها العام — الأسطوري، القاتم، المضطرب.
* ماراقني في الرواية أنها مادة خصبة جدًا لتحليل الشخصيات.سمات الشخصية النرجسية في كاثرين، سمات الشخصية السيكوباتية في هيثكليف، كما أنها ناقشت مواضيع مهمة، وهي كيفية تأثير الطفولة في تكوين شخصية الإنسان، الطفولة المضطهدة، النسب المجهول، اليتم، عمالة الأطفال...إلخ