تجربتي مع رواية “حاوي” للكاتب عبد الرحمن حجاج كانت من أجمل التجارب البوليسية اللي عشتها. هذا أول عمل أقرأه للكاتب، لكنه أبهرني من أول صفحة، وأقدر أقول بثقة إنه ما راح يكون الأخير. الرواية أبدعت في تقديم حبكة متقنة، وشخصيات معقدة نفسياً. أكثر شي صدمني هو تعاطفي مع القاتل! ما توقعت أبدًا أوصل لهالشعور، وخلاني أتساءل: هل “حاوي” مذنب؟ أو ضحية؟
هل هو ضحية لفقد أمه، وبرود أبوه، وتربيته الصارمة؟ أو مذنب لأنه سمح للجانب المظلم من نفسه يسيطر عليه؟ من المفترض نلوم مين؟ البيئة؟ الظروف؟ أو هو نفسه؟
كل إنسان بداخله جانب مظلم يحاول يكبحه، لكن لو تراكمت الضغوط، هل ممكن هذا الجانب يخرج؟ شخصية “تامر” مثال حي لهالسؤال.
أكثر ما أبهرني هو قدرة “حاوي” على التلاعب بالعقول. شفت التلاعب هنا كسلاح ذو حدين: ممكن يكون فن راقٍ لو استُخدم بشكل صحيح، لكن ممكن يكون مدمر.
كنت أشوف القصة من وجهة نظر “حاوي”، لكن هل كانت حقيقية؟ أو مجرد تصور خاص فيه؟ في النهاية، النتيجة واحدة، لكن هل مهم نعرف الكيفية؟ هذا سؤال ما زلت أطرحه على نفسي.
الرواية كتبت بلغة عربية فصحى، لكن الحوارات كانت بالعامية المصرية. رغم إني عادة ما أحب العامية في الروايات، إلا إن العامية هنا كانت بسيطة ومفهومة لغير المصريين، وما أضعفت التجربة.
بناء شخصية “حاوي” وتأثيره على “تامر” كان مميز جدًا. الكاتب أبدع في تقديم شخصية رمادية رغم سوداوية أفعالها، لكننا تعاطفنا معها.
الرواية قصيرة، بحدود ٢٠٠ صفحة، لكن تسلسل الأحداث كان متوازن، وما حسّيت بأي إطالة أو تقصير. النهاية كانت مفاجئة، حتى مع توقعي لبعض الأحداث.
أنصح جدًا بقراءتها، خصوصًا لمحبي الروايات البوليسية القصيرة اللي تصور تعقيدات النفس البشرية وتبريراتها المريضة.
فالإنسان دايمًا يحب يبرر أفعاله، أيا كانت، وهذا بالضبط ما جسدته حاوي .