اخترت قراءة هذا الكتاب بالتحديد، لرغبتي في معرفة ما حدث في تلك الفترة التاريخية الهامة بشكل محايد ومتجرد، ودون الانحياز لطرف على حساب أخر، وهذا ما أعجبني في اسلوب طه حسين الذي تميز بسرد الأحداث وتقديم الشخصيات بشكل سلس مع تحري الحياد قدر الإمكان.
خرجت من هذا الكتاب باستنتاج عظيم، وهو أن الطبع يغلب التطبع، وأن الدين لا يُغير طباع ونفوس البشر بشكل كامل وهذا ما حدث مع البعض.
لقد حافظ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المساواة والحزم بين كافه المسلمين، ولم يستثني سادة قريش من ذلك، بل على العكس لأنه كان أدرى الناس بطباعهم المليئة بالغرور والطبقية فقد اجتهد في وضع قوانين لهم، لكن هذه القوانين لم تعد كذلك في عهد عثمان رضي الله عنه فعهد عمر المليء بالشدة والحزم جاء بعده عهد مليء باللين في تولي شؤون الحكم. استعرض طه حسين عدد من المواقف التي اختلف فيها عثمان رضي الله عنه مع بعض الصحابه مثل عبد الله ابن مسعود وابو ذر الغفاري رضي الله عنهم والخلافات التي كانت بينه وبين علي وبين عمار بن ياسر والتي وصلت في بعض المواقف إلى ضرب عثمان لعمار وابن مسعود!
ربما كان عدل وشدة وحزم عمر بن الخطاب جعلت من العسير على من جاء بعده أن يكون مثله، فطبيعة الشخصية السياسية والقيادية مختلفة بين عمر وعثمان رضي الله عنهما، وهذا الاختلاف خاصة في إدارة الشؤون المالية قد أدى في نهاية الأمر لحدوث الفتنة.
التساؤل الذي طرحه الدكتور طه حسين في الفصل "٣٠" تساؤل محير ومشروع في نفس الوقت ولكن لابد منه، فهو يحمل في طياته الإجابة.
كتاب مهم، اجتهد طه حسين رحمه الله عليه في عرض الاحداث التاريخية الصادمة والمحزنة
والله اعلم
تقييمي: ⭐⭐⭐⭐⭐
اقتباسات:
❞ وإذا دفع أصحاب النبي أنفسهم إلى هذا الخلاف وتراموا بالكبائر وقاتل بعضهم بعضًا في سبيل ذلك، فما ينبغي أن يكون رأينا فيهم أحسن من رأيهم هم في أنفسهم. ❝
❞ والشيء الذي لا يمكن أن يتعرض للشك هو أن المسلمين قد اختلفوا على عثمان، وأن هذا الاختلاف قد انتهى إلى ثورة قتل فيها عثمان، وأن هذه الثورة قد فرَّقت المسلمين تفريقًا لم يجتمعوا بعده إلى الآن❝