في "نمزكان"، لا يُملي عليك النص طريقة واحدة للقراءة، بل يفتح لك بوابات متعددة نحو فهمٍ شخصي وتجربة فريدة، تتلون وفق زاوية النظر التي تختارها كقارئ.
يمكن لقارئ الأدب الباحث عن الجماليات والأسلوب أن يتذوق الرواية كعمل أدبي يرتقي بالذائقة الفنية، بما تحمله من لغة شاعرية، وتراكيب تتراقص على حافة التأمل والسرد. أما القارئ المفتون بالخيال، فيكفي أن يمدّ يده قليلًا، ليلامس مدارات الخيال العلمي دون أن يغرق فيها، كما لو كانت خلفية كونية لدراما إنسانية عميقة.
من كان من سلالة دويستوفسكي، سيجد في الرواية محفزات نفسية، وتقلبات داخلية، وصراعًا بين الظاهر والخفي في دوافع الشخصيات، ما يُشبه رقصة إيقاعها يتسارع بين النية والإرادة، وبين الوعي واللاشعور.
أما إن كان القارئ مثلي – يندفع بانفعال، ويغضب، ويقفز من مجلسه في لحظات الكشف والارتباك – فستأسره المؤامرة الكبرى المحاكة بين قوى الخير والشر، والموضوعية والبراغماتية. رواية تُقرأ بالعقل، وتُخاض بالقلب.
"نمزكان" ليست مجرد نص يُقرأ، بل مرآة متعددة الأبعاد تعكس ذاتك كلما تقدمت فيها، وتضعك وجهًا لوجه أمام أسئلتك الوجودية الأكثر تعقيدا.