لما يقترب من شهر ونصف، ظللت أقرأ هذا الكتاب على مهل وتروي، وليس لصعوبة الإطلاع عليه، ولكن، بسبب رغبتي في تطويل فترة استمتاعي به، وكان نعم الرفيق بفصوله المختلفة، فكما يتضح من العنوان، هذا الكتاب يضم منتخبات من السير الذاتية، التي جمعها المؤلف في إطار فصول يحمل كل فصل عنواناً لما يحتويه، ويندرج تحته العديد من العناوين لنفس الموضوع الأساسي، قُسم الكتاب بشكل يجعل من السهل أن تقرأه وفي نفس الوقت من السهل أن تقف عند أي نقطة بعينها وتعود له بعد أيام ولا تشعر أنك نسيت محتواه.
لطالما أحببت السير الذاتية، والإطلاع والتلصص على حيوات البشر، ولكنه ذلك التلصص الحميد، الذي يروي شغفنا تجاه كتاب وأعلام مهمين أثروا في الثقافة على امتداد سنوات هائلة، وسيفاجئك كم الضحالة والتفاهة التي أصبحنا غارقين فيها، عندما تنظر إلى هموم الشخصيات المختلفة، ومعاناتهم، وتنظر إلى معاناتنا اليوم التي أصبحت تحمل وزناً هائلاً، ولكنه بالنسبة لهم، هي مجرد تفاهات لا أكثر، سرت مع الشخصيات في أوقات الظل والحرور، اقتربت من معاناتهم الشخصية ولحظاتهم المؤلمة، وتعرفت على أفكار مختلفة وشديدة الذكاء، وتمتعت بصحبتهم التي كنت أتمنى لو امتدت لأكثر من ذلك، والجميل أن لهذا الكتاب جزء ثان، لن أتردد في قراءته ومصاحبة أعلامه والعيش معهم كما حدث في هذا الجزء الأول.
كتاب ممتع وجميل، ستخرج منه بترشيحات عديدة لسير ولكتاب وكتب، وبأفكار عديدة تجعلك تفكر في معاني الحياة العديدة وفلسفاتها المُعقدة.