«أسفار مريم المحرمة»
عمل ليس للهواة أو لأصحاب القلوب الضعيفة...
لغة قوية تشد القارئ، وكانت بالنسبة لي عنصر تشويق كافيًا بحد ذاتها، مما يظهر المجهود الجبار الذي يُحسب لطارق في إتقان اللغة وحدها. إلا أن طارق كان يسهب قليلًا في الوصف، مما قد يبطئ تدفق السرد وسلاسته، ومع ذلك، فإن قوة اللغة جعلتني أستمتع بجمالياتها.
الشخصيات من أجمل ما يكون، وإن لم تُقيَّم بـ ★★★★★، فعلى الأقل تستحق ★★★★☆، وأنا لا أبالغ. فهذه رواية متعددة الشخصيات المحورية، وكل شخصية وُجدت لتحريك الأحداث كان لها ماضٍ وحاضر ودوافع ولحظات ذروة ونهاية. بل إن طارق لم يكتفِ بذلك، إذ خص بعض الشخصيات المحورية بفصول من منظورها، فجعلها أيضًا رواية أصوات. هذه الفصول كانت تُبرز موهبته في القصة القصيرة، إذ جاءت كقصص قصيرة مكتملة الأركان. إلا أن بعض الشخصيات وُجدت للرمزية البحتة، وقد يراها من لم يفهم الرمزية عنصرًا غير ضروري في العمل.
عنصر المكان قوي جدًا، ففي المرتين اللتين قرأت فيهما الرواية، شعرت بأنني أعيش في حيّ المكس، رغم أنني لم أطأ أرضه يومًا، بل لم أعرف اسمه إلا من خلال الرواية.
الرمزية من أقوى ما في العمل، إذ إن كل شخصية وكل اسم يرمزان إلى شيء أعمق. إنه من ذلك النوع من الروايات التي تجعلك تفكر وتحلل ما بين السطور، وكم أعشق هذه الأعمال! ولكن، كما ذكرت، بعض الشخصيات وُجدت للرمزية فقط.
النهاية من أعظم ما يكون، وتؤكد على عنصر الرمزية الذي سبق ذكره. قال طارق إن للرواية ثلاث نهايات، لكنني كقارئ لم أكن لأتنازل عن أيٍّ منها، بل أرى ضرورة وجودها جميعًا، خصوصًا الأخيرة، لقوتها وإجابتها عن سؤال جوهري في صلب العمل نفسه!(لم أجد بها أي عيب).
هذه رواية شبه متكاملة، ومن أفضل ما قرأت. لا أدّعي أنني ناقد، وإنما قارئ أحب عملًا وأراد أن يقيّمه كما يراه. لاحظت هجومًا كبيرًا في بعض المراجعات هنا، ورأيت أن بعضها غير منطقي، مثل الادعاء بأن لغة العمل ضعيفة!
كما اعترض البعض على المشاهد الجنسية، رغم أن طارق حاول سترها وعدم كتابتها بطريقة فجة. ومع ذلك، وُصفت بأنها مقززة، رغم أنها لم تكن مشاهد "متعة" أبدًا، بل كانت مؤلمة حقًا.
في النهاية، هذه وجهة نظري، تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب، لكنها مبنية على ذائقتي الشخصية وما أحب وما أكره.
التقييم الشخصي: ⭐⭐⭐⭐⭐
عمل أتعلم منه كشخص يطمح لأن يصبح كاتبًا.
شكرًا طارق عز... وفي انتظار المزيد!