اجتمعنا على المرور بشعور الغربة، في أوطاننا أو بعيدا عنها، وسط أحبائنا أو بمفردنا، وأظنه أصدق أشكال الألم، حين تشعر أنك عاجز أمام الحدود والجدران، حتى وإن كانت حدود البشر وجدران الخلق.
استعرضت الكاتبة من خلال مجموعتها القصصية أشكال متعددة للغربة، أو بشكل أدق، آلام متعددة خلفتها الغربة ليصير الإنسان جريح قرار اتخذه يوما بالفرار بحثا عن سعادة مزعومة، أو ثراءً مستحيل،
آلام الغربة لاتصيبك وحدك، ولكنها تصيب أحبابك، أبنائك، أحلامك، كرامتك... وحتى صحتك.
أنت الضحية دائما لقرار الغربة، أنت القاضي وأنت الجلاد.
استطاعت الكاتبة أمنية شفيق عند تقديمها لأوجة الغربة الموحشة أن تستدعي لذهن كل قارئ ذكرى ارتبطت بالغربة، فكل النماذج الذي قدمتها واقعية حد الألم، تعكس معاناه الملايين في هذا العالم.
قد يجد البعض أن القرار الغربة بحياتهم كان القرار الأصح، ولكني أظن أن حينها لن تصبح الغربة تلك الكلمة البغيضة الثقيلة على النفس،
ولكن الكاتبة هنا قدمت النماذج التي عانت، وتألمت في بعدها عن الأهل والوطن، أو حتى انعزالها في عالم خاص بها كشكل من أشكال الغربة.
أشكرك يا أمنية على هذه التجربة شديدة الواقعية، لعل البعض يدرك أن من قرر الغربة لا يتمتع بالضرورة بحياة سعيدة، بقدر مايعاني الفقد والافتقاد... والحنين