ابنة الديكتاتور : مستوحاه من أحداث حقيقية طمست عن عمد > مراجعات رواية ابنة الديكتاتور : مستوحاه من أحداث حقيقية طمست عن عمد > مراجعة mahmoud.capello

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

الرواية تستند إلى قصة حقيقية طُمسَت عمدًا، ودفنت في دهاليز السرية والتكتم. هذه القصة التي ظلت مخفية عن الأعين لسنوات طويلة تُعيد الرواية إحياءها، لتكشف عن أحداث ووقائع تم التعتيم عليها بأدوات السلطة والنفوذ.

الرواية تسلط الضوء على شخصية سناء بكّاش، وهي شابة طموحة قادتها أحلامها الكبيرة إلى عالمٍ معقد ومليء بالتناقضات. بطلة الرواية وجدت نفسها منجذبة إلى العمل مع الأجهزة الأمنية، ليس بدافع الولاء أو الإيمان المطلق، ولكن من خلال مزيج من الطموح والرغبة في إثبات ذاتها في بيئة يسيطر عليها الخداع والمصالح المتشابكة.

سناء تمتلك جمالًا وذكاءً حادًا، وهي مزيج جعلها أداة مثالية لتلك المهام الغامضة التي تتطلب مزيجًا من الجرأة والحيلة. في مسيرتها مع الأجهزة الأمنية، لعبت دورًا أساسيًا في عمليات تُدار من وراء الكواليس. كانت مهمتها تتمحور حول استغلال نقاط ضعف بعض رجال الدولة المؤثرين، والصحفيين البارزين، والكُتّاب المعروفين، عبر إغوائهم وإقامة علاقات شخصية معهم. ومن خلال هذه العلاقات، كانت تستخلص المعلومات التي تُستخدم إما في عمليات تجسس معقدة أو في الحفاظ على استقرار النظام القائم عبر تحييد أي تهديدات محتملة.

الرواية تبرز تعقيدات حياة سناء، وكيف أصبحت حياتها مزيجًا من القوة والخطر. كانت تدرك أن ما تفعله يتجاوز الأخلاقيات العامة، ولكنه في الوقت ذاته كان يفتح لها أبوابًا إلى عالم لا يُتاح للجميع دخوله. هذا العالم كان مليئًا بالسلطة، النفوذ، والأسرار التي تدور في دهاليز السياسة والإعلام.

الرواية لا تكتفي بسرد الأحداث فقط، بل تغوص في أعماق شخصية سناء، لتكشف عن صراعاتها الداخلية. فهي تعيش حالة من التناقض المستمر: بين الشعور بالقوة عندما تُمسك بمصير الآخرين بيدها، والشعور بالذنب لأنها أصبحت أداة في أيدي نظام لا يعرف الرحمة. علاوة على ذلك، تعيش سناء صراعًا مع الهوية، فهي ضحية طموحها الجامح وفي الوقت ذاته جلّاد لمن يثقون بها.

من خلال شخصية سناء، تقدم الرواية رؤية ناقدة للأنظمة التي تعتمد على مثل هذه الشخصيات لتثبيت أركانها. تسلط الضوء على استخدام الأجهزة الأمنية للإغراء والعلاقات الشخصية كأدوات في لعبة أكبر تتجاوز الأفراد، لتشمل سياسات السيطرة والهيمنة.

الرواية ليست فقط سردًا لرحلة سناء، بل هي مرآة تعكس الجانب الخفي من عالم السياسة والإعلام، حيث تُستغل العلاقات الإنسانية لتحقيق أهداف لا تخضع لأي معايير أخلاقية. إنها قصة عن القوة والخيانة، عن الطموح والدمار الذاتي، وعن الثمن الذي قد يدفعه الإنسان عندما يختار أن يكون أداة في لعبة أكبر منه.

في الرواية، لم تحظَ قصة فيروز بالمساحة الكافية لتتطور بشكل مستقل أو لتكون محورًا رئيسيًا، لكنها لعبت دورًا حاسمًا في كشف خيوط القصة الأكبر التي تدور حول سناء بكّاش. كانت فيروز بمثابة البوابة التي عبرت من خلالها الأحداث نحو عالم سناء المظلم والمعقد، حيث ألقت الضوء على تفاصيل حياتها ودورها في العمل مع الأجهزة الأمنية.

فيروز، بشخصيتها وحكايتها المختصرة في الرواية، بدت كأنها حلقة صغيرة لكنها محورية في سلسلة الأحداث. وجودها كان ضروريًا لفتح الأبواب المغلقة على أسرار سناء بكّاش، ولربط القارئ بالعالم الذي تتحرك فيه سناء. رغم أن تفاصيل فيروز لم تأخذ وقتًا كافيًا لتتبلور في النص، إلا أنها مثلت الزخم الأول الذي دفع القصة للأمام، وسمح بالكشف التدريجي عن حياة سناء وما تخفيه من أسرار.

الرواية استخدمت فيروز بذكاء كعامل مساعد لعرض القصة الكبرى، حيث بدت وكأنها رمز أو دليل قاد الأحداث نحو النقطة المحورية. شخصيتها لم تكن مجرد إضافة عابرة، بل كانت عنصرًا تكامليًا، لعب دورًا في تسليط الضوء على الأبعاد الخفية في حياة سناء بكّاش، وفتح الطريق أمام القارئ لاستيعاب أبعاد القصة الحقيقية.

في النهاية، يمكن القول إن فيروز لم تكن مجرد شخصية في الرواية، بل كانت أداة روائية استخدمها الكاتب بمهارة لربط الخطوط وإبراز القصة الرئيسية، قصة سناء بكاش، التي أخذت المساحة الأكبر ونجحت في السيطرة على القصة بجاذبيتها وتعقيدها.

📖 رأي الشخصى

الرواية تمتاز بجرأة الطرح وعمق الفكرة، حيث تسلط الضوء على موضوع حساس ومثير للجدل قلّما يتم تناوله بهذه الصراحة. القصة تسحب القارئ إلى عالم مليء بالغموض والمؤامرات، وتتناول قضايا تتعلق بالسلطة، الطموح، والخيانة بأسلوب يثير الفضول ويجعل القارئ يتأمل في المعاني الكامنة وراء الأحداث.

شخصية سناء بكّاش كانت محورية ومصممة ببراعة، إذ قدمها الكاتب بشكل إنساني متناقض يجمع بين القوة والضعف، وبين الطموح والانكسار. هذا العمق في بناء الشخصية جعل القصة ليست مجرد سردٍ للأحداث، بل رحلة نفسية لفهم دوافع الإنسان وصراعاته الداخلية عندما يجد نفسه في مواقف تفوق قدرته على السيطرة.

من ناحية السرد، كان الأسلوب جذابًا، مع توازن بين التفاصيل والوصف. استطاع الكاتب أن يبني حبكة مترابطة، لكنه في بعض الأحيان ترك بعض الشخصيات، مثل فيروز، دون استكمال كافٍ. ورغم أن ذلك كان مقصودًا لتوجيه التركيز نحو القصة الأكبر، إلا أن القارئ قد يشعر ببعض الفضول غير المشبع حول تلك الشخصيات الجانبية.

الرواية تحمل رسالة ضمنية قوية، تتحدث عن استغلال السلطة للأفراد، وعن الثمن الذي يدفعه الإنسان عندما يصبح أداة في يد منظومة أكبر منه. ورغم أن القصة مأساوية في كثير من جوانبها، إلا أنها تقدم مادة ثرية للتفكير والتأمل في طبيعة العلاقات الإنسانية ودور الأخلاق في عالم مشوّه بالمصالح.

بشكل عام، الرواية قوية ومؤثرة، وتستحق القراءة لمن يبحث عن عمل أدبي يتجاوز حدود التسلية ليقدم طرحًا عميقًا لقضايا واقعية بأسلوب ممتع ومثير

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق