ابنة الديكتاتور : مستوحاه من أحداث حقيقية طمست عن عمد > مراجعات رواية ابنة الديكتاتور : مستوحاه من أحداث حقيقية طمست عن عمد > مراجعة Mohammed elshokhaiby

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

مراجعة كتاب

ابنة الديكتاتور

تأليف مصطفى عبيد.

صادر عن دار نشر: الدار المصرية اللبنانية

سنة الإصدار: 2024

339 صفحة (أبجد).

عنوان جانبي: مستوحاة من أحداث حقيقية طمست عن عمد.

اللغة: العربية الفصحى سردًا والعامية حوارًا.

تصميم الغلاف الفنان: أحمد مراد

عن الكاتب: كاتب وصحفي وروائي مصري وباحث تاريخي، من مواليد 1976، يشغل منصب رئيس التحرير التنفيذي في جريدة الوفد المصرية، صدر له (23) كتاب منوع بين دواوين الشعر والدراسات التاريخية والسيرة الذاتية والترجمات والروايات، وفاز بعدة جوائز منها جائزة أفضل كتاب مترجم في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021.

من خلال ابنة الديكتاتور تلك البطلة الخفية الاستثنائية الجبارة في كل شيء، في عقلها وفتنتها، كبيرة الآمال والمطامع، التي كانت يومًا تدير معارك عظيمة وتؤدى خدمات سر.. ية لبلدها مصر. فقد صنعت الأحداث وحركت القامات ولعبت بالكبار، ضحت بالحب والاستقرار والاحترام ونظرة الناس بل وبابنتها الوحيدة من أجل الوطن.

دخلت الحياة العامة عبر بوابة الصحافة فأصدرت مجلة أسبوعية شاملة لتكون غطاء لأنشطة موسعة في التجس/س والمراق/بة وإقامة علاقة واسعة شرعية وغير شرعية بمختلف فئات المجتمع.

تتناول الرواية شخصيتين تمثلان مرحلتين زمنيتين (جيلين) مختلفين:

الشخصية الأولى (الجدة – ابنة الديكتاتور): بنت شقية تاهت برغبتها ذات يوم عاصف، انتقلت من الفتاة القروية البائسة خادمة الممرضة الإير... لندية وجارية الشر.. طي الخشن إلى آفاق جديدة بسيارة خاصة بسائق وكاتب خاص بعدما تم تجنيدها بواسطة الأم/ن العام، وتدريبها وتكليفها بمهام مختلفة، وتمكنت بنفسها من تجنيد عم/لاء سري/ين داخل الأحز/اب السيا//سية، كانت تكتب تقارير تخص الشخصيات العامة وتقدمها الى جهات عليا (السل//طة) تحت شعار الحفاظ على استقرار الأم/ن العام للبلاد، فهي أداة تسجيل لكلام الناس، عين مبثوثة تسجل الشاردة والواردة، وسيلة سيطرة على ضعاف النفوس للتحكم في حياتهم.

الشخصية الثانية (الحفيدة): طبيبة يتيمة الأم بأب غائب، تحب الموسيقى تعشق فيروز منفتحة على الناس، تقرأ الشعر والروايات، تسعى للحصول على منحة دراسية لإنجلترا والتي ترى مستقبلها في أوروبا وليس في العالم العربي، فلديها يقين أن العالم الغربي معلمًا وهاديًا، ولكن بالصدفة تبدأ رحلتها للكشف عن غموض جدتها (ابنة الديكتاتور) التي اختفت وكأنها طمست عمدًا من قبل جدها، مرشدها الأول التي تشبهه كثيرًا في أسلوب كلامه وزهده وتسامحه عوضها يتمها الدائم بموت الأم وغياب الأب.

من الواضح أن الكاتب استوحى قصته من أحداث حقيقية اهتز الكاتب لها كصحفي ولكنه ترجم انفعاله هذا إلى الرواية الرائعة التي بين أيدينا، وترجع قيمة الرواية إلى أن الكاتب وإن استوحى موضوعه من الواقع، لم يجعل قلمه عبدًا لكل ما يتضمنه من تفصيلات بل فرض رؤياه على هذا الواقع، وأضاف إليها ما يجعل لأجزاء الرواية معنى مترابط ومغزى ذا قيمة إنسانية.

اختار الكاتب شخصيات تاريخية حقًا واختار أحداثًا وقعت في تاريخ مصر قبل وبعد إعلان الجمهورية إلا أنه حمَّلها من المعاني قسطًا من العصر الحاضر. فالرواية تؤرخ فترة هامة وما حدث فيها من فس//اد وتط/رف وعشوائيات فكرية كانت سببًا لما نحياه الآن. فالمشاعر الوطنية لا تختلف من جيل لآخر. من خلال شخصية ابنة الديكتاتور التي ظهرت وانتشرت في الخمسينات والستينيات والتي جاء ذكرها عندما بدأت المحاكمة في قض//ية انح/راف جهاز المخاب/رات العامة عام 1968.

على نار هادئة برع الكاتب في تركيب الحبكة وحياكة المؤام/رات في عالم الصحافة والسياسة والمخاب/رات، ووصف اللقاءات السر// ية الحميمية ونسج خيوط العواطف الرومانسية، من خلال تسليط الضوء على الحياة السيا// سية والاجتماعية في تلك الفترة ورصد كيفية ولادة الحركات والجماعات السيا// سية الحالية بأفكارهم ومبادئهم المختلفة.

أسلوب الكتابة عنده يكشف عن قدرة على السرد والحوار والتعبير وفصاحة الأسلوب وغزارة في حصيلة الألفاظ.

كما أنه اختار شخصيات الرواية من الشخصيات الواقعية يمثلون الاتجاهات الفكرية التي سادت في تلك الفترة وأثرت في تاريخ البلاد فيما بعد.

استخدم الكاتب تقنية تعدد الرواة، كما أعد الكاتب الزمن الذي وقعت فيه القصة والأماكن التي جرت فيها الأحداث بدقة.

الرواية تحكي قصة صعود أكثر من كاتب وكاتبة للقصص والروايات والمقالات، إلا أني أرى أن الكاتب أدخلنا عالم الكتابة وأبدع في عرض ذلك العالم وكأنه يلعب دور مقدم نصائح متوارية خلف السطور لإرشاد الكتَّاب المبتدئين ببعض أسرار صناعة العمل الأدبي باعتبارها نماذج أشبه بالأمثلة يمكن إدراجها ضمن ورش الكتابة الإبداعية منها نقاط هامة كالتالي:

- ألا أتهيب من نقد ناقد أو استسلم لرأى محبط، لأن الأفكار شتى والذائقة تتغير من جيل لجيل.

- ضرورة الاطلاع على الأدب العالمي والإلمام بتطوره وتطوير قدراتك وتحديث لغتك.

- تجنب الوعظ واكتب عن الواقع.

- أهمية إحاطة الكاتب بمجموعة من الأصدقاء والأحباء فيما يطلق عليه (لجنة قراءة العمل) قبل صدوره لإبداء ملاحظاتهم ونصائحهم في سبيل التجويد.

- التجريب من خلال ذكر الكاتب لاسمه بشخصه وعمله الحقيقي كصحفي يكتب في التاريخ كأحد شخصيات الرواية الثانوية التي استعانت به الحفيدة في رحلة البحث عن حقيقة ما سُطِّر بمذكرات جدتها.

- كاتب الظل A ghostwriter: وهو كاتب تحدد له الفكرة ثم تطلب منه أن يكتب قصة حولها بمقابل مادي لتنشر باسم صاحب الفكرة، وقد استعانت به البطلة ممثلًا في شخصية حامد أفندي بالرواية.

- ظاهرة الصالونات الثقافية والتي تضم نخبة من الكتَّاب والأدباء تعقد أول خميس من كل شهر في بيت أحد كبار الأدباء.

- استخدام الكاتب قصاصات كمراجع للأحداث المسرودة، طريقة غير مباشرة لذكر المصادر، جعلها في صورة قصاصة بعد كل حدث جلل على سبيل المثال لا الحصر كتاب "حري/ق القاهرة...قرار اتهام جديد" للكاتب جمال الشرقاوي 1976.

كتاب فكري يثير التساؤلات داخل عقل القارئ منها، من هو صاحب القرار الحقيقي في البلاد؟ هل هو الرئيس؟ ومن يقوم بتلك الأدوار المخابرات/ية الآن وهل تم الاستغناء عن الإنسان بالأجهزة اللوحية الرقمية؟ وهل من الصحيح أن القيم والأخلاق والقانون تتعطل تمامًا عندما يتعلق الأمر بمصلحة البلاد العليا؟

أكثر ما أعجبني هو ما ذكرته الخادمة حُسن عن والدها "البرطمان الذي داخله تراب من أرض دابود بلدتهم التي غرقت بعد بناء السد العالي، كانت عزيزة على والدها فاحتفظ بكومة من ترابها محبة لأرض محيت من الوجود".

أرى أن الغلاف كان معبرًا عن مضمون الرواية لما حواه من رموز داخل الرواية والتي تظهر من خلال الخبر بالجريدة والفتاة التي تظهر على مظهرها العصر الذي تتحدث عنه الرواية.

على الرغم من استمتاعي بقراءة الرواية من أولها لآخرها وكنت أتمنى إعطائها العلامة الكاملة للتقييم لولا الإسهاب في بعض السرد للقاءات الحميمية التي كانت تعقدها البطلة في عالمها السري، فلقد أوضح منذ أول لقاء أنها تستخدم أدوات المرأة في الإيقاع بضعاف النفس والذي كان كافيًا لبناء الشخصية لدى القارئ.

كما أري أن إدراج الرواية تحت تصنيف "الرواية التاريخية" قد يفقدها بعض جمهور الشباب، فهي تحتوي على غموض وتشويق وإثارة ورومانسية ومخابرات/ية مغلفة بأحداث تاريخية.

اقتباسات:

- استطبت لمساته الدافئة وهو يطيل النظر نحوي فور رؤيتي، كدت أذوب بين يديه وهو يحدثني يومًا بِوَله مكتمل عن سحر عيني العسليتين، وكدت احتضنه يومًا ما عندما التقط بأصبع رقيق رمشًا ساقط فوق خدي الأيمن، ولو قال لي وقتها "أحبك" لجاوبته بمثلها وأكثر من فرط مشاعري الصاخبة.

- إن الحنان الفائر من عيني إنسان تجاهك أعظم من ثروات الدنيا، وأن الحياة منقوصة الرفاهية، والمزدحمة بالضجيج والهموم إلى جوار من تحب يمكن قبولها واستيعابها.

- إن الديمقراطية لا تصلح على هذه الأرض، والناس تريد من يقودها إلى حيث الصلاح جبرًا لأنهم لا يمكن أن يختاروا الصلاح، وهم بالقطع لا يعرفون أين هو.

- سافر تجد عوضًا عمن تفارقه.. وانصب فإن جميل العيش في النصبِ. إني رأيت وقوف الماء يفسده. إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب. والأسد لولا فراق الغاب ما افترست.. والسهم لولا فراق القوس لم يصب.

اختتم الكاتب روايته بمفاجأة للقارئ، اعتقد أنها لاقت استحساني لإجابتها عن كثير من أسئلتي خلال القراءة.

كتاب ممتع ومؤثر جدًا وأنصح بقراءته بشدة، وتقييمي له 5/4.9.

إلى الملتقى في مراجعة أخرى

د.محمد الشخيبي

#مسابقات_قراءات_على_نار_هادئة

#اقتباسات_مسابقة_قراءات_على_نار_هادئة

#مسابقات_مكتبة_وهبان

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق