كثيرا ماحملت الجدران بين جنباتها ما لا تطيقه من أسرار، بعضها مباح وكثيرا منها لا تقدر عليه صبرا.
وسواء كانت الشخصيات تعيش بفيلا رفيعة المستوى والشأن أو بمنزل خرب قذر، إلا أن النفس الإنسانية تبقى كما هي
هنا أو هناك
تبقى تائهة، تبحث عن أرض صلبة لتقف عليها، عن روح وسكن يزيدها تمسكا بالمكان ومن ثم ب سكانه،
لكن بطلتيّ العمل، عانت كل منهما من فقد الهوية، أو الاختباء المتعمد سعيا لماهو أفضل، حياة أفضل، صورة أفضل، وبكل تأكيد، روح أفضل.
في عمله الثاني، فيلا القاضي، تطرق الكاتب عمرو دنقل لمرحلة بائسة عاشها ذلك الوطن وطاله ما طاله من وطأة تداعياتها، فتجرع مرارها الغني والفقير، العالم والجاهل، ف طمس الفكر والهوية والروح لا يستهان بنهاياته
استخدم الكاتب لغة عربية سلسة سردا وحوارا، وقدم عمله في شكل فصول حملت أسماء أبطالها وأرواحهم وحقيقة كل منهم، دون زيف، خلاصة القول، سعي ا. عمرو ليعود بالأذهان إلى حقبة كانت ولازالت لها بالغ الأثر في تاريخنا، حمل أبطالها ذنب الجاني وألم المجني عليه في الوقت نفسه، حال كل من فقد صورته الحقيقية لتحل محلها صورة مشوهة مفتعلة، لا روح فيها ولا حياة.
ولأنني عاصرت هذه الحقبة، ف لامست أحداث العمل ذكريات بعيدة عشتها، أخبار مؤلمة، غريبة على عقلي، لم يكن ليستوعبها بعمره الصغير، ليعود مثل ذلك العمل ليعيد الذكرى ويسمح للعقل الناضج للتفكر والتأمل من جديد.
لجأ الكاتب إلى واحدة من أهم سمات الكتابة الأدبية، ألا وهي الوصف، فكان وصفه للشخصيات والأماكن خاصة الفيلا ومنزل الإيواء وصفا تفصيليا دون اطاله أو ملل، بث بكلماته الحياة في هذا العمل لتحيا الشخصيات بعقل وفكر قارئها، لتعيش معه وتصبح جزءا من خياله.
أما نهاية العمل فكانت حزينة، سريعة، باترة لم أكن لأتمنى أن تأتي على هذه الصورة، غير أنها النهاية الوحيدة الحتمية لما حل بالبلاد والعباد.