ابنة الديكتاتور : مستوحاه من أحداث حقيقية طمست عن عمد > مراجعات رواية ابنة الديكتاتور : مستوحاه من أحداث حقيقية طمست عن عمد > مراجعة دينا ممدوح

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

مؤخرًا لم تعد الكتب التاريخية تجذبني بل على الاغلب تشعرني بالملل، أصبحت أكره اللغة التقريرية والمشاعر السلبية التي تصلني منها حتى وأن كانت تجيب على العديد من التساؤلات التي تدور في ذهني والحكايات التي كنت أود معرفة حقيقتها، ولكن التاريخ والذكرى أصبحت ترهقني!

ولكنني وجدت الحيلة.. سأقرأ التاريخ في الروايات، حل مثالي أليس كذلك؟ ساستمتع وفي الوقت نفسه سأعرف التاريخ، ولكن الحقيقة أنني كنت ساذجة، فحتى مع لمسة المتعة التي سأحصل عليها من الروايات سيظل التاريخ مرهق ومؤلم ويجعلك تكره الكثيرين وقد تحب أخرين، التاريخ المعاد روايته يجعلك تنظر لكل شيء بنظرة مختلفة، خاصة بعد مرور سنوات طويلة على الحدث نفسه مما يجعل هناك الكثير من الحقائق التي كَشفت والكثير من الواقعية التي غلفت الحدث الذي تقرر روايته الآن بتلك الصورة تحديدًا، والكثير من التاريخ منسي، والكثير من التاريخ يعاد على مسامعنا بعد سنوات بصورته الاصلية بعد أنكشاف الكثير من الحقائق والاعترافات بمرور الوقت وموت الأشخاص المعنيين.

عندما قرأت اسم رواية ابنة الديكتاتور تخيلت أن الاسم حرفي وساقرأ عن ابنة الديكتاتور حقًا ولكن مع الأنغماس في الرواية وجدت أن الرواية ذات اسم حركي كما احداثها تمامًا، تحكي الرواية عن الطبيبة فيروز التي تعيش مع جدها بعد وفاة أمها وسفر أبيها للخارج وتزوجه، فتاة على قدر كبير من الثقافة وتحب الشعر والمتنبي وتنغمس في عملها تمامًا وتهتم بجدها الذي يقرب من التسعون عامًا، الأمور تسير بسلاسة حتى تسمع في يومًا جدها يذكر اسم امرأة لم تسمعه قبلًا، بعد أن تدهورت صحته بصورة ملحوظة، لتفاجئ بعد ذلك بصورة لمرأة تشبهها إلى حد كبير، ومن هنا بدأت رحلة البحث التي ساعدتها فيها صديقتها منى لتجد تاريخ كبير مخفي، تاريخ عن عائلتها وعن مصر.

تصل فيروز إلى مذكرات الكاتبة سناء بكاش صاحية الاسم الذي نطقه جدها والصورة أيضًا، لتعرف ما هي علاقتهم ببعضهم البعض وما هي الوظيفة التي كانت تعمل بها سناء بكاش حقًا، وما سبب تسميتها بابنة الديكتاتور على يد مصطفى أمين، ومن هو هذا الديكتاتور وعلاقتها به وبكل القادة في هذا الوقت الحرج من تاريخ مصر، ولماذا يختلف اسم جدها الحالي الذي تعرفه عن اسمه في هذا الوقت أيَضًا، كانت الرواية جميعها اسئلة عديدة تطرح ولكن يمنحك التاريخ والكاتب معًا الإجابة عن كل سؤال في النهاية ولا يتركك حائر، يكفي أن التاريخ يفعل هذا بالفعل!

الغريبة أنني كنت أعرف أن هناك الكثير من الأحداث الحقيقة التي طُمست عن عمد في التاريخ، وأعتقد أن الأحداث الأسوأ والأكثر دناءة، ولكنني طوال الأحداث وأنا أشعر بالاشمئزاز من كل هؤلاء، والغريبة أنني أيضًا لم أشعر بالتعاطف مع سناء لكنها من اللحظات الأولى لهروبها من منزل أبيها كانت كل المراحل التالية باختيارها التام دون أي تدخل أو ضغط من أحد، حتى تم التخلي عنها تمامًا من قبل المسؤولون عن الحركة التي كانت تديرها، وإذا ما استمر الحال كما هو عليه كانت ستستمر، لذا ربما هي نفسها شعرت أن ما حدث تاليًا ولم تسعى إلى تغيره كان تكفيرًا عن الذنب، ولكن من له الحق في جلد أو الحكم على الأخرين؟ لا أحد.. لا يمكن لأحد أطلاقًا جلد الأخرين.

طرحت الرواية الكثير من الاسماء المعروفة سواء في الكتابة أو الأدب أو الفنانين والسياسين، ووجود الكاتب بشخصية واقعية في الرواية كان لمسة جيدة وملفتة لم أكرهها أو أفضلها ولكنها كانت سبيل لجعل الرواية تصبح واقعية أكثر وهذه نقطة في صالح الأحداث.

تناولت الرواية الكثير من الأحداث في ذلك الوقت منها الملكية والضباط الأحرار وتولي عبد الناصر الحكم والنكسة وغيرها من الأحداث المؤثرة في تاريخ مصر على هامش كل الأحداث التي تقوم بها سناء ونسائها.

أحببت أن النهاية جاءت على لسان الجد، فعلى الرغم من أنه كان صامت معظم احداث الرواية ولكن كان وجوده طاغي وحاضر في كل الأوقات، هو أكثر شخص رأيت ملامحة حتى أكثر من سناء ذاتها، خطابه في النهاية كان هو قطعة البازل الناقصة التي أكملت كل الملحمة السابقة في الأحداث.

اختيار العامية في الحوار كان أفضل اختيار بما يتناسب مع الأحداث والأشخاص ولم أجدها ركيكة أو فجة مطلقًا.

كل لمسات الحب وأبيات الشعر في الرواية خففت من وطأة الأحداث، وكانت متجانسة مع الأشخاص وغير دخيلة لذا أحببت الأختلاف ما بين قسوة سناء و رقة أحمد، تباين الشخصيات قام بعمل توازن رائع.

*اقتباسات:

❞ فمن يعمل بالطب في مصر يُدرك أن الأنباء السارة غير مسموح لها أن تُعكر صفو حكايات الوجع ومشاهد الحُزن ومواقف الخطر المهيمنة على الأجواء كل يوم. ❝

❞ بين لحظتين لا يُمسكهما المرء تنفلت الحياة، فتجف الدماء وتنسحب الرؤية ويتلاشى الوعي. سألني مُترددا إن كنت أؤمن بالآخرة، ❝

❞ "إن الحب الحقيقي يقيم جدارا من الرفض لأي حب جديد مهما كانت المغريات". ❝

‏❞ بالنسبة لي المعرفة هي الجنة. المتعة الحقيقية هي إننا نعرف. عاوز أشوف اللي الناس مش شايفاه ❝

‏❞ إن أهم متطلبات الحياة هي المعرفة. مَن يملك المعلومات يملك كل شيء: الثروة والنفوذ والبشر. والعالم يتطور ويتغير ويتلون وينقلب الأعداء فيه إلى أصدقاء، ويتبدل الإخوة إلى خصوم، ولا يُمكن للمُخبر التقليدي أن يعي كل ذلك. لقد صار هذا المخبر آلة مكهنة تنتظر التخريد. فالأسرار الحقيقية تحتاج لمن يقتربون من الناس أكثر ويتسللون إلى مخادعهم، يطلعون على نقاط ضعفهم، ويطالعون عُريهم الإنساني. ❝

‏❞ محاولة يائسة لسبق ملاك القطف الذي أشعر كل يوم برائحة اقترابه من تنفيذ مهمته المحتومة. أكتب مُستبصرة لماض مرير، ماتع حينا، وقامع أحيانا كثيرة، لكنه سخي بالحكايات المُدهشة التي فرت من كُتب المؤرخين. ❝

❞ فتحت عينيه وأبصرت الموت مُطلا كزائر ليلي كريه. حاصرني شعور مخيف بالخواء وظننت كما لو أن فأسا مباغتة قصمت ظهري، ففتفتته. ❝

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق