تُمثل رواية "حارة الصوفي" حالة سردية يتداخل فيها الأدب مع التاريخ، مما يجعلها نصًا يتطلب توظيف المنهج التاريخي لفهم العلاقة بين البناء السردي والأحداث التاريخية، مثل مدة الحكم المصري-العثماني وعلاقة مصر بالسودان.
منذ الاستهلال بعنوان الفصل الأول، تُبرز الرواية رموزًا مثل العلم ذي "النجمة وثلاثة أهلَّة"، فتُعيد تأطير حقبة تاريخية تُجسد تداخل الهوية الجغرافية مع البُنى الثقافية، لتجعل الحارة معبرة عن التحولات الزمنية والأنساق الاجتماعية. ومع ذلك، يتجاوز النص البُعد التوثيقي ليُعيد إنتاج الماضي في سياقات نفسية وثقافية عميقة، مما يستدعي استثمار مناهج نقدية موازية، كالنقد ما بعد الاستعماري لتحليل العلاقة بين الثقافات المهيمنة والهامشية، والمنهج الثقافي لفهم ديناميات الهوية بين الإنسان والمجتمع.
يحمل عنوان الرواية "حارة الصوفي" دلالات مكانية واجتماعية، حيث يُبرز الحارة كمسرح للأحداث ونموذج اجتماعي تتفاعل فيه الهويات الثقافية مع الأبعاد التاريخية. أما كلمة "الصوفي" فتُضفي بُعدًا رمزيًا يعكس النزعة الروحية والتعلق بالهوية التراثية وعلاقتها بالمكان، مما يجعل الحارة شخصية فاعلة تُبرز التفاعل بين الأشخاص وتاريخهم المشترك، وفقًا لمفهوم الجغرافيا الثقافية. أما العنوان الفرعي "سيرة آخر سلاطين الجنوب"، فيضيف بُعدًا زمنيًا وشخصيًا، مشيرًا إلى نهاية عهد أو تحول مفصلي في التاريخ. مصطلح "آخر سلاطين الجنوب" يحمل إحساسًا بزمنٍ آفل، يُسلط الضوء على لحظة انتقالية من إرث تقليدي يواجه تحولات جديدة، مما يمنح السرد طابعًا تأمليًا يعزز البعد التاريخي.
يتكامل العنوان الرئيس والفرعي في إبراز جدلية الشخصي والجماعي، حيث تعكس الحارة البُعد الاجتماعي والمكاني، بينما يُجسد العنوان الفرعي التحولات التاريخية من خلال شخصية رمزية. هذا التداخل بين السرد المكاني والرمزي والسيرة الفردية يُضفي على الرواية عمقًا ثقافيًا وسياسيًا يربط الماضي بالحاضر.