" يا عزيزي: مشكلتي معك قد لا أستطيع حلها للأسف، مشكلتي معك أنني لا أريد سوى أن أكون كاتباً يعبر عن رأيه النابع من تفكيره وضميره، وأنني مصمم على التمسك بدور الكاتب كما فهمته وكما أحببت أن أكونه، وفي النهاية لست حزيناً على كل ما جرى لي لأن الثمن الذي دفعته، كان أهون بكثير مما كان يجب أن أدفعه، وأهنأ بكثير مما دفعه بالفعل أناس ارتكبوا نفس «الخطأ»، خطأ قرارهم بأن يعبروا عن آرائهم التي يقتنعون بها، في زمن الاستقطاب يا عزيزي: إذا كنت معجبا بكل ما أكتبه فأنت بالتأكيد تحبني أكثر من نفسي، لأنني أنا نفسي لا يعجبني كل ما أكتبه، وإذا كنت لا تعجب بأي مما أكتبه، ومع ذلك تصمم على قراءتي، فمشكلتك ليست معي، بل مع نفسك، وأنصحك باستشارة مختص للعلاج من حب تعذيب الذات، أما إذا لم تكن معجباً ببعض ما أكتبه، وترغب في سؤالي من باب العتب والعشم: لماذا أكتبه، فأرجو أن تتذكر أنني إنسان مثل حضرتك، والإنسان تخرج من قلبه الضحكات المجلجلة والدموع الحزينة والآهات الملتاعة ويخرج من فمه الكلمات العذبة والشتائم الوقحة والأفكار البلهاء، تماما كما يخرج من جسده الدموع والمخاط والعرق والفضلات، وربما يشفع لي عندك أنني لا أكتب لإقناعك بشيء، وكل ما أتمناه أن يمتعك ما أكتبه، أو يدفعك للتفكير فيه، فإن حققتُ شيئاً من ذلك، فلله الحمد ولك جزيل الشكر، وإن وجدت لدي ما يعجبك فخذه وتجاوز عما سواه كرماً ولطفاً، وإن لم تجد ما يعجبك، فخذ مني ما قد يكون أنفع ما تناله مني: دع ما يغيظك إلى ما لا يغيظك، وتذكر دائماً أن الحياة قصيرة."
ربما تكون تلك الكلمات للعزيز بلال فضل أنسب مايعبر عن رأيي ليس فقط في هذا الكتاب، ولكن في مجمل أعماله المقروءة والمرئية.
عزيزي الأستاذ بلال فضل شكراً للأوقات الممتعة والمفيدة بالتأكيد التي أقضيها بصحبة كتبك وقناتك وترشيحاتك.
ولن أنسى بالطبع الإشادة برسومات الفنان وليد طاهر البديعة.