كان من الصعب على أن أتعاطف مع شخصية زوربا المندفعة الشهوانية خاصة وهو في العقد السابع من عمره. انسان لا يستطيع أن يكبح جماح نزواته أو مشاعره أو رغباته ، بدائي في كل شيء بدءاً من الثقافة مروراً بنظرته إلى المرأة ووصولاً إلى قدرته على إدارة مواهبه والتخطيط لمستقبله.
الزعم بأن الانسياق وراء رغباتنا والاندفاع هو مرادف للحرية لم يستهويني .
والاسراف حتى فيما يتعلق بأموال الغير من أجل ارضاء نزوة ثم الافتخار بكل هذا بدون أي وازع أخلاقي لهو قمة في الانحطاط.
لم أدري كيف أن بطل القصة انبهر بانسان لمجرد أنه عفوي ومحب للحياة واغفل كل الآثار الجانبية لهذا النزق والصبيانية.
فأنا لا أرى تلك الصفات جديرة بالاعجاب فالحيوانات أيضاً عفوية ولا تخطط لحياتها وتندفع وراء غرائزها ، وما يميز الانسان عنها كان ولا زال هو عقله وحكمته ومقدرته على امتلاك زمام أموره وتقدير عواقبها !!
كما أن الحيوانات أيضاً لا يهمها من إناثها إلا اشباع غريزتها ثم تنصرف عنها للبحث عن الطعام .
كما أن الحيوانات تستغرق في حاضرها بكل جوارحها ولا تحتفظ في ذاكرتها الا بالأحداث التي تساعدها على البقاء ، ولا تهتم كثيراً للمستقبل أيضاً الا فيما يتعلق بالحفاظ على مصدر طعامها ومعيشتها.
اما الاتهام الذي يكيله زوربا للراوي البطل وهو أنه الاذكياء وأصحاب محلات البقالة يزنون كل شيء لهو اتهام عجيب والأعجب منه أن يسوقه البطل كدليل على أن ذلك نقيصة!!
فقديماً قالوا في الامثال الشعبية " من حسب الحسابات في الهنا يبات"
أما نهاية الرواية فقد جاءت من شقين أولهم كان منطقي ومتوقع وثانيهم كان غاية في الاستفزاز
الشق الأول في النهاية أتى بعد إيكال بطل القصة وصاحب منجم الفحم كل الأمور وادارتها لشخص عشوائي غير مؤتمن ، فأدى سوء تقديره الي انهيار المصعد لفشله في تصميمه ولعدم أمانته أنفق نصف عهدته في التسرية على نفسه مع امرأة من بائعات الهوى والنصف الذي تبقى تم اهداره في شراء مستلزمات مشروع المصعد الذي انهار .
أما الشق الثاني المستفز فقد جاء على صورة احتفال بطل الرواية مع زوربا بوليمة معتبرة ربما ليحاول اقناعنا بزهده في الأموال وتسليمه لفشل مشروعه وان كنت أرى كل هذا لهو سفه وشذوذ…