رواية "نائب في الأرياف" لـِ توفيق الحكيم ..
واحدة من أبرز الأعمال الأدبيًة التي تعكس جانبًا من المجتمع المصري، خاصّة في الرّيف، بمنظورٍ نقدي وذكي. يحكي فيها الحكيم عن يوميّات وكيل النّيابة في قرية ريفيّة صغيرة، وما يعايشه من أحداث وما يقابله من شخصيّات تنتمي لألوان مختلفة من طبقات الشّعب المصري الرّيفي ..
تدور أحداث الرّواية في إطار ساخر وناقد، حيث يواجه وكيل النّيابة العديد من التّحديات، بدءًا من العقبات الإداريّة إلى النّزاعات البسيطة التي قد تبدو تافهة لكنّها تعكس تعقيدًا كبيرًا في حياة الرّيف..
يعرض الحكيم مشاهد تبرز الفقر والجشع والجهل، مع إلقاء الضّوء على التّقاليد والقيم التي تسيطر على حياة الأهالي وتعكس أحيانًا التناقضات التي يعيشونها، بين التّمسكـ بالتّراث من جهة، والسّعي إلى التطور من جهة أخرى ..
ما يميّز نائب في الأرياف هو الأسلوب السّاخر البسيط الذي يعبّر به توفيق الحكيم عن قضايا عميقة، مثل النّظام القضائي المصري وما يعتريه من بيروقراطيّة وتعسّف أحيانًا، إضافة إلى الفجوة الكبيرة بين السّلطة والشّعب. يستخدم الحكيم شخصيّة وكيل النّيابة للتّعبير عن إحساسه بالعجز والإحباط أمام هذه البيروقراطيّة، وعن الشّعور بالغربة، حيث يبدو وكأنّ القانون غير قادر على حلّ مشكلات النّاس الحقيقيّة، ويبقى المسؤول مجرّد أداة متفرّجة في مجتمع غير متعاون.
كما يبرز توفيق الحكيم في هذه الرّواية نقده للمظاهر السّلبية في المجتمع الرّيفي، من خلال شخصيّات تجسّد خصائص مثل الخبث والطّمع والإنقياد الأعمى للتّقاليد. يتناول أيضًا بأسلوب متهكّم سيطرة العادات والأفكار المتوارثة على سلوكـ النّاس وتفكيرهم، ممّا يجعلهم أحيانًا بعيدين عن القانون والمنطق.
تُعدّ نائب في الأرياف عملًا يُظهر بوضوح قدرة الحكيم على المزج بين النّقد الإجتماعي والفكاهة، مع تقديم رؤية عميقة وحكيمة لواقع الرّيف المصري في تلكـ الفترة ..
إنّها رواية تُقرأ كمرآة تعكس مشاهد من حياة المجتمع المصري، ومعاناة الفقراء، ومحاولات البعض في السّلطة للبحث عن التّغيير دون جدوى!