لا اعلم لماذا يصر كاتب على تدمير عمله الأدبي بنفسه ؟!. شيء غريب وغير مفهوم بالنسبة لي. حسن الجندي واحد من الكُتاب المفضلين بالنسبة لي في ادب الرعب والتشويق والإثارة وحتى عندما كتب في تصنيف الجريمة الممزوجة بخلفيات ودوافع نفسية ابدع فيها وعلى رأسها رواية ( الجزار ) التي أعدها واحدة من اجمل كتاباته بصفة خاصة ومن اجمل كتابات الجريمة بصفة عامة.
( أذكار الموت ) كانت من الممكن ان تحصل على العلامة الكاملة وان تكون قريبة من مستوى رواية ( الجزار ) بدون شك لولا الاستسهال او الخلط المزعج الذي قدمه الكاتب بين خط الجريمة وهو الخط الأساسي للعمل وخط ما ورائي يبدو ان الكاتب اقحمه حتى يستطيع ان ينهي الرواية من خلاله !.
مميزات الرواية:
* الحبكة *
هي العنصر المميز في الرواية بدون شك. تدور حول فكرة القت،لة المتسلسلين والذين نُطلق عليهم في مصر لقب سفا،حين من خلال كاتب روايات اجتماعية ورومانسية مصاب بورم مميت في المخ ويرغب في ختام حياته برواية بعيدة عن النوع الأدبي المعروف عنه. يقرر كتابة رواية جريمة عن قا،تل متسلسل يعيش وسط الناس ويرتكب جرائمه لهدف معين سنعرفه لاحقاً.
المثير أن الكاتب على معرفة وثيقة بالقا،تل والأكثر اثارة مفاجأة اخرى تخص الكاتب نفسه.
* السرد والحوار *
جاء بطريقة سلسة جداً واحتوى على ذكريات قديمة في شكل مشاهد فلاش باك مر بها الكاتب نكتشف معها حقائق مثيرة عن حياته الشخصية وعلاقته بالقا،تل.
الحوار جاء مليء بحس فكاهي وساخر في عديد من المواضع مما أضفى لمسة مميزة.
* الشخصيات *
جاءت بخلفيات نفسية جيدة تبرر ارتكاب الجرائم فيما يخص القت،لة المتسلسلين. باقي الشخصيات جاءت لتخدم الحبكة وفكرتها واكمال المشهد الدرامي بشكل عام.
كل ما سبق جميل ولا مشكلة لدي معه. نأتي للعيوب التى اراها دمرت كل المميزات السابقة !.
* الخط الدرامي *
الرواية تسير على خط الجريمة ذات الخلفيات النفسية. اقحم الكاتب خط ما ورائي غريب جداً ولا أرى اي فائدة تُذكر منه. يبدو ان الكاتب رغب في تقديم مزيج من الجريمة و عالم الارواح وتحضيرها ظناً منه انها ستكون فكرة مختلفة ومميزة. العكس تماما هو ما حدث. الخط الما ورائي اساء للعمل بشكل كبير واعطاني انطباع ان الكاتب لم يجد طريقة ليكمل بها الأحداث على نفس خطها الرئيسي - الجريمة النفسية - فقرر الاستعانة بصديق يتمثل في الأرواح وجلسات تحضيرها حتى نكتشف القا،تل ومن ثم نستكمل باقي الرواية !!.
* النهاية *
العيب السابق يقودنا الى ختام الرواية الذي جاء بشكل ركيك جداً وبنفس مبدأ الاستسهال كما ذكرت سابقاً. نهاية تشعر معها ان الكاتب لم يكن لديه نهاية محددة يقدمها للقارىء وعلى طريقة ( اي حاجة في رغيف ) تم غلق الأحداث بالخط الماورائي العجيب الذي حل المشكلة وقضي الأمر !.
---------------
خاتمة:
شخصياً اشعر بالحزن على هذه الرواية التى كان من الممكن ان تكون افضل من ذلك بكثير جداً لو حصر الكاتب تركيزه في خط الجريمة النفسية فقط لكن يبدو ان تخصصه في كتابات ادب الرعب طغى عليه وظن انه الملاذ الآمن الذي يمكن أن يلجأ اليه وقت الشدة والأزمة.
خانه التوفيق في رأيي الشخصي المتواضع وكان الاستسهال - ولا اريد ان اقول الاستخفاف بالقارىء - هو سيد الموقف.