الخرز الملون : خمسة أيام في حياة نسرين حوري > مراجعات رواية الخرز الملون : خمسة أيام في حياة نسرين حوري > مراجعة Rudina K Yasin

الخرز الملون : خمسة أيام في حياة نسرين حوري - محمد سلماوي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

رقم مئة، وثمان /2024

الخرز الملون – خمسة أيام في حياة نسرين حوري

محمد سلماوي

تطبيق ابجد

""من خلال 152 صفحة تدور احداث الرواية في خمسة فصول، كل فصل منها يحكى يوما في حياة سيدة فلسطينية، وهي نسرين حوري، ويسجل من خلال هذه اليوميات المحنة التي عاشتها وعاشها أهل فلسطين وقت النكبة، كما تسجل الرواية أيضًا أبرز الأحداث السياسية التي شهدها الوطن العربي من حرب فلسطين عام 1948 إلى كامب ديفيد عام 1979.""

 ""لقد كان إحساسي وأنا أنتقل من «الجمهورية» إلى «المصور» ليس أنني أترك موقعي، وإنما أنني أترك إحدى فرق الجيش لأنضم إلى فرقة أخرى في ظل القائد نفسه. أو أنني أغادر جبهة في المعركة لأتخذ مكانًا في جبهة أخرى.  وكان مع الزعيم الفلسطيني عندما دخلت عليه نسرين شابان، أحدهما هو سكرتيره الخاص الذي كان سيكمل كفاح الحسيني بعد رحيله فيصبح زعيمًا سياسيًّا وعسكريًّا لجماهير الشعب الفلسطيني بعد ذلك. كان في العشرين من عمره، وكان اسمه ياسر عرفات ""

 

خرز ملون هنا الحياة المُضطربة الحافلة التي عاشتها الشاعرة والصحافية الفلسطينية جاكلين خوري (1925 - 1980) التي وُلدت في منزل على جبل الكرمل يطلُّ على بحر حيفا، ورحلت منتحِرةً في القاهرة، وقد رمت نفسها عن شُرفة الطابق الثالث لأحد المستشفيات حيث كانت تتعالج من الاكتئاب. وبين لحظتَي الحياة؛ الهانئة في فلسطين، والموت انتحاراً في القاهرة، جَرى ماءٌ كثير في نهر الزمن الفلسطيني الذي تمثّله خمسة أيام كل يوم مثل مرجلة زمنية مهمة   وممكن تقسيمها كقارئ الى يوم يافا ويوم مصر ويوم الحب ويوم الحرب والفقد ويوم النهاية.

خمسة أيام من حياة نسرين حوري ابنة رئيس بلدية يافا هي فصول هذا الكتاب مأرخاً بهذه الأيام نكبة فلسطين لعام 1948 والاحداث السياسية الأخرى التي تبعتها في الدول العربية واتفاقية كامب ديفيد عام 1978.

بدأت هذه الفصول بالحديث عن حياتها من في يافا وزواجها الاول من حبها الاول إلا ان هذا الزواج لم يستمر حيث تقاطعت أفكارهما من حيث وطنتيها ووقوفها إلى جانب المقاومة وإبداء رغبتها في الانخراط مع المقاومة، إلى عدم اهتمامه بالمقاومة وأن الأمور ستكون على ما يرام، كما أنه تم ذكر عدد من الشخصيات مثل عبد القادر الحسيني وياسر عرفات وغيرهم من الشخصيات التي تعاملت معهم نسرين. إلا ان رغبتها لم تتكلل بالنجاح نتيجة لإخراجها من يافا للحفاظ على حياتها بعدما قامت عصابات الهجانا بالمذابح ضد الفلسطينيين.

ثم يتطرق الكاتب بباقي فصول الكتاب حول حياتها في مصر وعملها في جريدة الاهرام كمحررة سياسية وتعرضها إلى المضايقات لانتقادها سياسة الملك كون أن جريدة الاهرام هي الجريدة الناطقة باسم الحكومة ومؤيدة لها، كما تم التطرق إلى ثورة يوليو 1952 واستيلاء الجيش على الحكم وتوزيع الأراضي على عمال السخرة الذين كانوا لدى الاغنياء والاقطاعيين ولتشهد بعد ذلك الوحدة العربية بين مصر وسوريا ووفاة عبد الناصر واستلام السادات زمام الحكم والتغير على الخارطة السياسية والاحداث السياسية وتقييد الحريات الصحفية في ذلك الزمن إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

وفي معرض هذه الاحداث لم ينس الكاتب الحديث عن حياتها الشخصية فبعد فشل زواجها الأول وهروب زوجها إلى لبنان وأخذ طفلها منها تعرفت إلى صحفي آخر لتتزوج به ولتخسره بعدما ذهب للعمل في بيروت وتغطية المقاومة هناك لتصاب بعدها بانهيار عصبي لم تستطع بعده العودة إلى وضعها الطبيعي وممارسة حياتها بشكل طبيعي.

قد يكون المفيد في هذه الصفحات التعرف على حياة نسرين حوري وعملها كمحررة في صحيفة الاهرام ومحاربة قلمها السياسي في بعض الاوقات والطريقة المؤلمة التي انتهت بها حياتها.

وأخيرا نقرأ في رواية "الخرز الملوَّن" للكاتب المصري محمد سلماوي (1945) وصفَ الإبادة، وصفَ الخوف الذي تُسبّبه الإبادة، وهو خوف لا يُشبه خوفاً سِواه، لأنَّه خوف جماعي، مرتبط بفناءِ جنسٍ، بفناءِ جماعة. وهو في الرِّواية وفي الواقع خوف يتهدَّد الشعب الفلسطيني بأكمله. ولو أنَّ الرِّواية الصادرة عام 1990 تتحدّث عن مجازر رافقت نشأة الكيان والمذابح في دير ياسين ويافا، إلاَّ أنَّ هذه الحرب التي الاحتلال على غزة هذه الأيام، تُشير إلى الزَّمن الفلسطيني على أنَّه زمن المذبحة، زمن متصلٌ بدأ بالقتل، واستمرَّ بالقتل، ولا يوجد في آفاقه وضوحٌ سوى للقتل والموت.

الرواية مكتوبة على امتداد خمسة أيام، تبدأ مع النكبة وتستمرّ مع ثورة "الضبّاط الأحرار" في مصر، والوحدة مع سورية، إلى الحرب الأهلية اللبنانية، وأخيراً مع "اتفاقية كامب ديفيد". هذه التواريخ ترسم مسار الرِّواية، وهي روايةٌ في السياسة بقدر ما هي رواية اجتماعية؛ عن ابنة رئيس "بلدية يافا"، نسرين، التي تقرّر الزواج من شابّ عنوةً عن أبيها، وتستقرّ في القدس. ثمَّ مع انتشار عصابات الإرهاب الصهيوني، وإبان النكبة، تخرج مع والدتها من فلسطين، تُقتل والدتها عند الحدود. تصل إلى القاهرة، وفي داخلها تشتغل المأساة، مأساتها الشخصية بخسارتها والدتها، وبانكشاف طبيعة زوجها الذي سُرعان ما تخلَّى عنها، ولاحقاً خطف ابنها منها، ومأساة شعبها الذي هُجِّرَ من أرضه.

ونسرين هنا، تمثيلٌ لفلسطين في تحوّلاتها وفي اضطرابها، في امتلائها بالخيبة، وفي شعورها الدَّائم بأنَّها على وشك الوقوع في خديعة ما. خلال عملها في صحيفة "الأهرام"، ومع اختلاف سياسات الجريدة التحريرية باختلاف الرئاسة المصرية، واختلاف السياسة المصرية بصورة عامة؛ صارت الكاتبة الفلسطينية مقياساً لسياسة التحرير. إذ طُلب إليها الابتعاد عن السياسة في عهد الملك، ثمَّ صارت مُحرّرة في القسم السياسي في عهد الثورة، وأخيراً طُلب إليها أن تكتب مقالاً تمتدح فيه زيارة السادات إلى "إسرائيل"، لكنها لم تفعل... بهذه الصورة، فإنَّ حياة نسرين حياةٌ مُختَطَفَة، منذ البدء مع الاحتلال، ثمَّ مع سياسات الآخرين تجاه مأساة شعبها. وأن ينتهي مشوار عيشها، اكتئاباً، ثمَّ انتحاراً؛ أقلّ مراراً من وفاة أبيها، رئيس "بلدية يافا"، الذي حملَ عاملُ النظافة جثّته على كتفهِ، بينما القمامة في يده.

مدت نسرين ذراعيها تريد ان تحتضن تلك المدينة العجيبة ذات السحر الغريب التي عاشت بها أسعد سنوات حياتها وأتعسها، والتي شهدت أمجادها وأحزانها. تلك المدينة الفاضلة المخادعة، العتيقة الحديثة، الرثة المهندمة، التي لا توجد مثلها في الدنيا مدينة.

كانت ترى من حولها ألوان الطيف الزاهية التي تزول بعد قليل ولا يبقى منها شيء. كانت ترى خداع الحياة للشباب البريء المتحمس. ذلك الخداع الذي لن يكن يعرفه إلا من تعدى هذه المرحلة الوردية من العمر فلم يعد يرى من بريقها إلا حرزاً ملوناً لا يساوى شيئاً.

فليفز في النهاية من يريد. الجيل الذي تشرد وعانى ودفع الثمن من أعصابه ودمائه، وأبنائه وآبائه، لا يستطيع أن يلعب تلك اللعبة. فليأت بعدنا من يلعب ويفوز. أما نحن … فدورنا … قد انتهى … علينا الآن أن نخرج من اللعبة.

وقد ذكر سلماوي ان دمعتان سالت على وجه نجيب محفوظ بعد أن قرأت عليه خاتمة الرواية:

لم تنزف نسرين قطرة دم واحدة. كانت الحياة قد استنزفت دمائها قطرة قطرة طوال نصف قرن من الزمان. ولم تذرف نسرين دمعة واحدة على الحياة التي تركتها. كانت الحياة قد اعتصرت دموعها كلها قبل أن تموت

 

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق