ونس الكتب |سلمي سامي

تحدي أكتوبر |الكتاب الرابع

اسم الكتاب: حليب أسود

اسم المؤلف: إليف شفاق

ترجمة: أحمد العلي

دار النشر: مسكيلياني للنشر

عدد الصفحات: 415صفحة

التقييم: 5/5

الملخص والخواطر:

أن تجد جزءًا منك في كتاب يعني أن تقرأ للكاتبة إليف شفاق، أن تجدي نفسك بين السطور بعفويتها وتخبطها في الأشياء، بحديثها الجاد والصادق مع نفسها.

الكتاب عبارة عن مذكرات لإليف شفاق تكلمت فيه عن العديد من جوانب حياتها ومراحل حياتها، وليس فقط مرحلة إكتئاب ما بعد الولادة، بل تكلمت أيضاً عن شبابها ودراستها وتوجهاتها الفكرية في شبابها وكيف تغيرت بعض توجيهاتها فيما بعد، وعن حياة بعض الكاتبات العالميات وكيف تأثرت حياتهن بعد الولادة وبعد أن أصبحن أمهات.

في الحقيقة ما أحببته كثيراً هو أنها جعلت من أصواتها الداخلية نساء أي أنها أعطتها كيانًا وأعطتها شخصية مستقلة بنفسها، مثلا إليف جعلت الجانب الروحي منها يمثل بالمرأة الدرويشة والجانب المثقف المحب للقراءة منها مثل بالمرأة المثقفة الساخرة، أي أنها أظهرت نفسها امرأة في داخلها العديد من النساء وهي طباعها وأصواتها الداخلية، وهذا شيء أحسسته مثيرا وأحببته جدا.

أما بخصوص إكتئاب ما بعد الولادة فقط أظهرته الكاتبة على شكل كائن سمته "اللورد بورتن" الذي غزا حياتها وقمع أصوات النساء الصغار في داخلها ويقلب حياتها رأسًا على عقب، ولكنها في النهاية تغلبت عليه، وعادت لحالتها الطبيعية بل وتطورت شخصيتها أكثر.

أهم الأفكار التي تمحورت حولها السيرة هي صراع الأدوار الذي تتعرض له المرأة في المجتمعات بلا استثناء، خاصة إذا أرادت أن تتقدم في مجالها العلمى أو أي مجال آخر بجانب الأمومة التي تستحوذ على أغلب وقتها وجهدها نتيجة لوقوع مهمة التربية على كاهلها وحدها.

فالرجل لا يجد هذه الصعوبة التي تواجهه المرأة في التقدم في مجال عمله أو أي مجال آخر يحتاج للوقت والجهد والمهارة لأن الأبوة في المفهوم الاجتماعي العام لا تستحوذ على وقت كبير من حياة الرجل اليومية، كما أن التقصير الذي قدتقع فيه المرأة نتيجة لمحاولتها التوازن بين الأدوار التي توضع فيها يواجه باللوم والنبذ الذي تتعرض له كنموذج للأم المقصرة غير المبالية بأبنائها، عكس الرجل.

الكاتبة من أفضل الأديبات في الوقت الحالي لديها أسلوب جميل في سرد الأحداث وفي توظيف النصوص ووصف المجتمع والطبيعة من حولها، كاتبة لا تمل من قرأتها من الممكن أن تختلف معها في بغض الأفكار ولكنها تظل من أفضل الكاتبات في وقتنا الحالي.

الإقتباسات:

•في هذا العالم الواسع يكفيك أن تجد طيرا يحبك لتعرف الفضاء، لتكون عظيمه ويكون عظيمك، هكذا ببساطة الريش ونبل جوهرة التاج الكبيرة.

•قلبي يأمرني أن أقلع إلى أبعد مكان في العالم بحلول الصباح، ولكن كم من المسافات التي عليّ ركضها لأبتعد عن جوقة أصوات الفوضى التي بداخلي.

•إلهي أيها الجمال والحب النقي، اجعلنا من الذين يسبحون باسمك، الواجدين الخلاص فيك، لا تجعلنا نقضي حياتنا في الارض بأعين معصوبة وآذان مسدودة وقلوب ختمت عن الحب.

•نحن لا نموت مرة واحدة، يجمل بنا أن نتذكر دوما أن الإنسان يموت مرات كثيرة قبل موت جسده.

•هل وقعت مرة في الحب؟ إنه مريع، أليس كذلك؟ يجعلك هشًا تمامًا، يفتح صدرك، ثم يفتح قلبك، وهذا يعني أن أحدهم يستطيع أن يدلف هناك ويعبث بك. يا للحماقة!

•الصمت هو أسوأ شيء، فكلما ظللتنا سحابة كثيفة من الصمت، باتت الأصوات المثرثرة في أعماقي أكثر دويًا، طافية على السطح صوتًا في إثر صوت.

•لقد منحتني الكتب إحساسًا بالإستمرارية والمركزية والتماسك، وهي ثلاثة أشياء كنت سأفتقر إليها إفتقارًا شديدًا لولا تلك الكتب. وتنفست الحروف وشربت الكلمات وعشت القصص.

•كانت الكتب أفضل أصدقائي منذ اليوم الذي تعلمت فيه القراءة والكتابة، الكتب أنقذتني.

•لا بأس الآن انظي إلى نفسك، فماذا ترين؟ امرأة منقسمة إلى قسمين داخلها: شرقية وغربية، امرأة تعشق الخيال أكثر مما تعشق عالم الواقع، امرأة أنهكتها سنة بعد سنة تناقضات لا فائدة منها، وعلاقات غير صحيحة وغراميات فاشلة، امرأة لم تتجاوز بعد الجرح الذي أصابها على أثر نموها من دون أب، امرأة تحطم القلوب وهي محطمة القلب أصلا، امرأة تشغل بالها أكثر مما ينبغي بما يدور في أذهان الناس، امرأة تخشى ألا يهتم بها الله حقا ولا يمكنها أن تكون سعيدة أو كاملة إلا بكتابة رواية، باختصار إن ما أراه هو شخصية في طور البناء عندما انظر إلى نفسي، غير أن لساني لا يطاوعني في الإقرار بهذا الأمر.

•يحب الله أن يمتحننا من وقت إلى آخر، إنه يعلمنا أحياناً من خلال الفشل والضعف، ومن خلال القوة والنجاح في أحيان أخرى وصدقيني نحن لا نعرف أية حالة هي الأسوأ لنا ولكن تذكري أمرًا واحدًا كل عسر يتبعه يسر.