عودة الروح.. كلاسيكية مصرية جميلة استمتعت بها..
أعتقد أنها ليست للجميع فهي رواية اجتماعية بسيطة رغم عدد صفحاتها الكبير نوعًا ما.
الحوارات خليط من العامية المصرية القديمة (كانت بتضحكني 😀) وبين الفصحى التي يظهر بها إبداع الكاتب وبراعة اختياره للألفاظ والجمل وتوقيتها..
الرواية عن اسرة مصرية بسيطة بها فرد واحد من الأعيان (محسن) ابن الأخ الغني المتزوج من امرأة ذات أصل تركي (هانم بنت باشا)..
الطبقية واضحة جدا في الرواية بين الأعيان والفلاحين او أي شخص آخر ليس من هذة الطبقة..
والدة محسن تمثل الطبقة هذة بعجرفتها وعنصريتها واستفزازها واستغلالها لغيرها واعتبار نفسها مخلوق أحسن ممن دونه او الإعتقاد أن الكل دونه!
كانت ست مستفزة 🙄
-أما باقي أفراد الشعب (العيلة) أكثر من أثر فيّ منهم هو حنفي و زنوبة.. حنفي لأنه من وجهة نظري بيمثل الطبقة المنساقة وراء أي شيء او التي كل أملها لقمة عيش ونومة هنية ولا يريد شيئًا آخر مكتفي بما لديه حتى وإن كان أقل القليل.. حتى عندما جاء مشهد المظاهرات خرج معهم ولكن لأن الكل الخرج ليس لأنه يريد تحريرًا وحرية.. ليس شجاعًا أو مقدامًا فقط رجل مكتفي يعيش يوم بيومه.
أما (زنوبة) رغم غيرتها وطول لسانها إلا شخصية طيبة كل ما تريده زوج محب ولكن حظها جعلها قبيحة وفقيرة وجاهلة.. (على حسب قول الكاتب)
أوضاه المرأة من الطبقة التي تعتبر متوسطة او بين المتوسطة والفقيرة وما أقل كانت مخيبة للآمال في وقت مصر فيه كانت بلد رغم احتلالها إلا أنها كانت معرفوة بغزارة علمها ومقاومتها..
يعني زنوبة كانت بالبلدي كدة بتتشال وتتحط في المكان الذي يريده اخوتها أو ولي أمرها أيا كان .. تسافر معهم تهتم بهم وترعي شؤونهم بدون أي يهتم أحد بها وبما تريد او بمشاعرها ..
لم يهتم أحد بتعليمها القراءة والكتابة رغم إرادتها وتعبيرها وحسرتها الدائمة على هذا طوال سطور الرواية..
كانت بسيطة ووحيدة وحاقدة على كل من حصل على ما تريده هي ولكن حقد أعتقد مفهوم.
- أما محسن فهو ابن الأخ (الغير شقيق) حامد بك.. مُحسن ابن عز وصوته حلو ولكنه يشعؤ بالغرابة وسط هذا العز.. أثناء تواجده مع والده ووالدته كان دائمًا يعشر بالغُربة وأنه بعيد عن بيته.. وكان مفهوم البيت بالنسبة له هو المكان المتواجد فيه الشعب أيا كان مستواه.
وأعتقد هو بيمثل طبقة المثقفين التي كانت تقف مع الشعب (بما انه كان خطيب في مدرسته وينظم الشعر ويود لو يصبح يومًا من الأيام من يلقى كلمة الشعب) ضد طبقة الاغنياء او على الأقل تدافع عن حقوق الفقراء.. يمثل البراءة والطفولة والحب البريء.
-أكثر جزء أعجبني في الرواية هو الحوار بين الإنجليزي ومفتش الآثار الفرنسي (كنت مسمياه الحرامي🙄)
حوار جميل وفيه إفحام للقوى الأوروبية وذا نبرة ثورية.. تحدث عن أصل الفلاح ومدى ارتباط هذا بالمصري القديم ذو الحضارة والعراقة أول من كان يعيش في وحدة مجتمعية يجمعه هدف واحد..
وجوهر الفلاح وذوقه وأصله وعراقة هذا الأصل مقارنة بالرجل الأوروبي والمجتمع الأوروبي وفكرة أن الشعب المصري فقط تاه عن علم هذا الأصل.. وأن سبب نجاح المحتل هو جهل الفئة الكبرى المصرية (الفلاحين) بأصلها العريق ودخول أعراق أخرى بينها لتسودهم كالأتراك مثلًا!
وفكرة إن الشعب المصري دائمًا بينه هذا الرباط الخفي الذي لا ينقطع أبدًا ويظهر بقوة في أوقات الأزمات.
بعض الاقتباسات من هذا الحوار :
❞ نعم إن هذا الشعب الذي تحسبه جاهلا ليعلم أشياء كثيرة، لكنه يعلمها بقلبه لا بعقله!… إن الحكمة العليا في دمه ولا يعلم!… والقوة في نفسه ولا يعلم!… هذا شعب قديم: جِئْ بفلاح من هؤلاء وأَخْرِج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة، من تجاريب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدرى!… ❝
❞ إن كل ما فعلنـاه ـ نحن الأوربيىن الحـديثى النشأة ـ أن سرقنا من تلك الشعوب القديمة هذا الرمز السطحى، دون الكنـز الدفين؛ لذلك جئ بأوربى وافتح قلبه تجده خاليًا خاويًا!… ❝
❞ احرم الأوربى من المدرسة يصبح أجهل من الجهل!… قوة أوربا الوحيدة هى في العقـل!… تـلك الآلة المحـدودة التي يجـب أن نمـلأها نحن بإردتنا. أما قوة مصر ففى القلب الذي لا قاع له… ولهذا كان المصريون القدماء لا يملكون في لغتهم القديمة لفظة يميزون بها بين العقل والقلب. العقل والقلب عندهم كان يعبر عنهما بكلمة واحدة هى: القلب!… ❝
❞ هؤلاء الفلاحون لهم ذوق… وذوق جميل!… وهم لو سألتهم عن كلمة ذوق لجهلوا معناها… أما نحن فنعرف جيدًا معنى كلمة «ذوق»، ولكن ثق أن فينا عددًا كبيرًا ليس له ذوق!…
نعم هذا هو الفرق الوحيد ييننا وبينهم: إنهم لا يعلمون ما عندهم من كنوز!… ❝
❞ لا تستهن بهذا الشعب المسكين اليوم، إن القوة كامنة فيه، ولا ينقصه إلا شيء واحد!… ينقصه ذلك الرجل منه الذي تتمثل فيه كل عواطفه وأمانيه ويكون له رمز الغاية… عند ذاك، لا تعجب لهذا الشعب المتماسك المتجانس المستعذب، والمستعد للتضحية إذا أتى بمعجزة أخرى غير الأهرام!… ❝
-بعد ذلك تُختم الرواية بالثورة من الشعب بكل فئاته يطالب بالحرية من المحتل و عودة رمز النضال الثوري أعتقد إنه المقصود كانت ثورة ١٩ وسعد زغلول وطلب الاستقلال والتخلص من الاحتلال.
كانت رحلة لذيذة وممتعة.