رأيت هذا البؤس من قبل. ليس غريبا عن قريتنا و عن بعض أهلينا. كنا من المحظوظين ب��يث لم ننشأ تحت وابل من طلقات الرصاص و زخات الكاتيوشا و الهاون و لكننا نعرف البؤس جيدا و نميزه و نشعر بمعاناة أصحابه.
❞ كنا كثيرين وقريبين من بعضنا البعض. أربعة عشر شخصاً داخل غرفة صغيرة، فيها فراشان على الأرض، وجدرانها من طين، يتحدثون عن الأمل والسلام، بينما تدور رحى الحرب في الخارج. ❝
آه يا ساميه. آه يا صغيرتي التي انبهرت بالأمان و انبهرت بالطرقات الخاليه من ذوي الملابس المموهه.
❞ نزلت من الحافلة، ينتابني إحساسٌ غريبٌ بأنني موجودةٌ في بلدٍ، يعيش في سلام.
لم يَبْدُ لي حقيقيّاً عدم وجود عناصر أمن في المحطة، عدم وجود آثار البنادق والثياب المموّهة، وعدم وجود ثقوب في الجدران، بفعل الطلقات النارية. كنت في حيرة. مثل الحيوان الذي قضى كل حياته داخل قفص، ثم تُرِكَ له الباب مفتوحاً فجأةً؛ ليصبح حراً. صدمني شعور بالنشوة المبالغ فيها، التي بدلاً من أن تدفعني إلى الأمام، أصابتني بالشلل على الفور. ❝
أشياء صغيرة قد لا نشعر بها إلا عندما نراها بأعين المحرومين منها.
❞ هنا في فندق جيبوتي، كان لدي حمَّامٌ كاملٌ مخصصٌ لي.
حوض مزوّد بصنبور. كان متّسخاً بعض الشيء، وترك مجرى المياه المستمر بقعاً، يميل لونها إلى الاحمرار، لكني عندما كنت أفتحه كانت تنهمر كل المياه الموجودة في العالم. ❝
كنا نركض معك يا صغيرتي و ننتظر بفارغ الصبر وصولك للمجد و تتويجك بين الأبطال و كان القدر كعادته صاحب الرأي الأخير.
❞ كان مساء ذلك اليوم رائعاً. كانت حياتي كلها أمامي مليئةً ورائعةً. كنت بطلةً، وكان لدي من الوقت ما يكفي لإثبات ذلك. كنت مُذَنّباً داخل نسيجٍ مبطّنٍ، بنجومٍ مضيئةٍ، بقوةٍ. ❝