في مواضيع شتى، وبين عناوين بازخة تجولت مع أحمد أمين في رحاب أفكاره وتأملاته التي أودعها هذا الجزء من فيض خاطره... كانت البداية مع (الإسلام والمسلمون) وهو مقال من الأهمية بمكان يوضح فيه الكاتب أساس العقيدة الإسلامية الذي هو التوحيد، ويؤكد على أهمية عدم اتخاذ تصرفات الناس ذريعة للحكم على دينهم فإنها لا تمثله بالضرورة... وأن على المسلم أن يجتهد في جعل توحيده خالصاً نقياً لا تشوبه شائبة، فلا يؤله أحداً من الناس، ولا يخصع أو يأتمر إلا لله عزو جل... ثم ناقش الكاتب في (موقف المسلمين إزاء المدنية الحديثة) ما يصح استفادته من الأمم المتقدمة مما يتوافق مع ديننا وقيمنا.. ثم جانبه الصواب في بعض ما قدم من (أسباب انحطاط الثقافة عند المسلمين في القرون الوسطى) كجعله انهيار المعتزلة، وغلبة المحدثين عليهم، السبب الأول في ذلك... لكنه عاد فأحسن في (التقليد والابتكار) وأجاد في (مادية الغرب وروحانية الشرق)... ثم استوقفتي الفكرة الأولى من مقال (سنن الله في الأمم) والتي هي "حفظها بالصالحين من أبنائها" وهي فكرة تستحق أن نتأملها ونسقطها على واقعنا الذي نحياه، لنرى موقعنا منها، وما ينبغي علينا فعله كي نكاثر الفسدة بالصالحين... ونجتهد في التعليم والتربية ومحاربة الجهل والفساد حتى نكون صالحين مصلحين يحفظ الله بنا أمتنا... وبعد قراءة (الثقافة الأدبية والثقافة العلمية) طرأ على ذهني سؤال عن الجمع بينهما، هل هو متعذر أم -وإن كان شاقاً- في الإمكان؟ أدهشني إتفاق ما ذكره أحمد أمين في (الشيطان رجل الساعة) مع نراه الآن في واقعنا الحاضر.. وكأن الشياطين هموا هموا في كل زمان ومكان بأفعالهم الشنيعة مهما اختلفت تجلياتهم... في (حديث إلى نفسي) كان أحمد أمين يتحدث إلى نفوسنا جميعا، ويشاركنا خواطرنا وهواجسنا ومشاكلنا وآمالنا... حزنت كثيرا على (ضيعة الأدب) لا لأجل ما ذكره عن حال الأدب والأدباء في زمانه، فليته بقي رغم ما فيه.. بل على ما صار إليه الآن... وليت شعري لو كان أحمد أمين حياً بينا الآن بم كان سيصف هذا الحال؟
#قراء_الجرد