كنت أسأل أبي كثيرا وأنا صغير عن شكل الحياة اليومية، وماذا كانوا يفعلون يوم قامت ثورة يوليو، النكسة، وحرب أكتوبر، كان دائما داخلي فضول لرؤية هذه الأحداث الكبيرة في تاريخ مصر المعاصر من منظور مختلف عن الحدث نفسه، منظور أوسع يشمل حياة الناس وكيف كان شكل البلد والحياة الاجتماعية وقتها.
ولهذا أجدني معجب بهذا الكتاب بشدة، فهو في جزءه الثاني يتناول حرب أكتوبر من هذه الزاوية في موازنة مابين وصف حال البلد اجتماعيا واقتصاديا، والوضع الذي كان يوشك على الانفجار بسبب معاناة الناس في تدبير لقمة العيش والمواصلات ومصاريف المدارس من ناحية، والإحساس بالخذلان والتراخي من القيادة السياسية والعسكرية للبلد، وأن الحرب لا بشائر لها في المستقبل القريب.
حال البلد كان لا يبشر بأي مقدرة على العبور، ولا حتى الصمود، بل كان هناك تصور بأن مصر قد انتهت. ولكن لم يكن هؤلاء يعرفون من هي مصر وماهي قادرة عليه، فمع كل هذه التحديات والغليان على السطح، كان يجري تحتها التجهيز بكل الامكانيات المتاحة للحرب. وكانت القيادة تتحمل النقد والسخرية وانعدام الثقة لسنوات انتهت في ست ساعات يوم ال٦ من أكتوبر.
كلنا نعلم أن الحرب قامت في العاشر من رمضان، لكن هل الكل يستوعب أن العمليات التي استمرت في الأسابيع التالية حتى وقف اطلاق النار تمت أثناء الصيام؟ حرب أكتوبر لم تكن يوم واحد ولكن امتدت لأسابيع ومصر كلها صائمة، وهذا الكتاب يوضح صورة تفصيلية عن رمضان ١٩٧٣ على الجبهة وفي الداخل، بقصص بطولات وتضحيات من ابطال الحرب الاثنين، الجنود والمواطنين.
كتاب متميز، وأرجو أن يكون له امتداد لتغطية باقي المحطات في تاريخ مصر المعاصر كثورة يوليو والعدوان والنكسة.
محمد متولي