أصدقاء منذ الطفولة لم يبق منهم إلا سجين وڤلاديمير!
فالعقاب أن تبقى حيًا، وبالحري لم يكن هناك عقابًا أشد من ذاك الذي تجرعه دانتي وكأن الجحيم ذاته تمثل أمامه فارتبط اسمه به كما ارتبط بتحفة دانتي أليجييري.
داعبهم حلم الاستقلال المادي دون سطوة وتحكم الأهل، فتأهلوا للالتحاق بالجامعة وانتقلوا من الريف إلى السنة بكل صخبها ومتعتها.
تخرج من تخرج، ونجح من نجح، وثابر من عمل بجهد دون رتابة، ومن انغمس في الملذات؛ فدفعته غرائزه حيث شب، ومن قاده غروره رغم موهبته الفذة في الطرد مرارًا وتكرارًا من أماكن العمل.
بدأت الضائقة المالية منذ اقترح الأصدقاء على دانتي الاحتفال بعيد ميلاد ليتاو على غير المعتاد، وإهداؤه قليل من المتعة التي يفتقدها بين جدران غرفته.
فأضاع على متعته الشخصية ما كان يتكبده بقية الشركاء في نصيبهم من إيجار الشقة لمدة ستة أشهر، فتفاقم دينهم بشكل لا يستطيع معه بائع في مكتبة وطبيب يعمل في المستشفى العام وطاهٍ موهوب يفتقر إلى الذكاء الاجتماعي، سجين غروره، أن يعوضوا ما تراكم عليهم من مبالغ مستحقة للدفع وإلا سيُطردوا !!
وهنا يحين دور هوجو في الاستعانة بمواقع إليكترونية لعرض إقامة وجبات فاخرة بمبالغ طائلة يمكن بعد أيام قليلة من إقامتها وتبادل الآراء الإيجابية حولها من سد الدين الذي أرهقهم وأثقلهم.
ولا يمرر ليتاو لغز لحم النورس الذي قد ألقاه دانتي يومًا عليهم، فيطلق دعابته السخيفة ليحولها هوجو إلى اقتراح يجب الاحتفاء بتجربته.
تتوالى الأحداث المتسارعة وظهور جديد لأومبرتو في أعقاب ضائقتهم المادية بعد سنوات كان يجهل حتى وجودهم بالعقار!
تتزايد الأحداث حدة مع ما يتعرض له ميجيل من ضغوط، ودانتي في محاولة تقبل المغامرة فقط لمرة حتى يستتب الأمر بعد انقضاء الدين عن كاهلهم.
لكن لم تأت الرياح بما اشتهى كلًا من ميجيل ودانتي، لينغمس الجميع في العشاء السري.
أفكار غير مسبوقة تفوق في صياغتها البرازيلي رافاييل مونتيز، الذي ربما أزاد هذه المرة من جرعة الدمو.ية وأضاف الكثير من المشاهد المؤرقة التي تثير الغثيان وربكة الأمعاء وفقدان الشهية، إلا أنه على الجانب الآخر أوضح أن الإنسان بحق هو أبشع مخلوق على وجه الأرض، ولنا ما يتعرض له الكلاب في مهرجان يولين بالصين مثل حي!
الرواية مترجمة بحرفية جسدت نص الكاتب فأصبحت حية تشعرك برذاذ الدماء وهو ينتثر حولك مخضبًا ملابسك وبشرتك، بل وتشعر بالطعم المعدني في فمك بينما تتضرع ألا يكون حقيقة يومًا ما في بقعة ما من العالم، فكل هذه الوحشية لن تتحملها الأرض الذي ضجت بأفعالنا !!