في قلبي رضا - سيرة رجل عايش الحرب واعترك الحياة | هالة فودة.
دار النشر: دار العين للنشر.
عدد الصفحات: ٣٠٤ صفحة.
التقييم: أربع نجوم.
قرأت قبلًا، أن الكتابة هي نوعٌ من أنواع التعافي.
ولكن ماذا لو أن التعافي الذي نَبحث عنه، هو التعافي من فقدان شخص عزيز؟
لا أعرفُ عنكم، ولكن الكاتبة كتبت لأجل ذلك، لأجل أنها أحبت أباها، وفقدته.. فأرادت أن تخلد سيرته، وعلى الرغم من أنّها لم تكُن في عمرٍ صغيرة وقتذاك، لكن ذلك الفراق المحتوم بالموت يظل صعبًا.
أكاد أجزم أنها رُبما لم تتعافَ، ولكنّها على الأقل تقبّلت رحيله عن الدنيا، واستقراره الأبدي في قلبها.
❞ كنتُ وما زلتُ أؤمن أن النسيان موت والذكرى حياة، فمنحتهم حياةً لا يموتون بعدها أبدًا. ❝
عَزيزي قارئ المُراجعة،
هذه سيرة اللواء محمد رضا فودة، بعين ابنته.
تبدأ الحكاية، من قبل أن يولد، وكيف جاء إلى هذهِ الدنيا بمولده عام ١٩٣٥.
تحكي لنا عن طفولته، وكيف أضحى بعد فقدانه لوالده والدًا لأخته الصُغرى 'لولو'، توشي السطور بحلمه أن يصيرَ طبيبًا، بحبه للحياة، واستمتاعه بها، وتوشوش لنا كيف تبدلت أحلامه حين شعر في سن الشباب أن وطنه يناديه، فقرر أن يُلبي النداء، ويقدم في الكلية الحربية.
أحببتُ السرد والوصف، يشعرانك بأنك جزء من العمل، أنك تعيش بين ثناياه؛ فتذهب لحفلات الست، وتشم روائح طعام فهيمة، وتحضر حفلات الزواج، تعاصر النكسة، والهزيمة، تفرح بالنصر العظيم أخيرًا.. الكثيرُ حدث، والتفاصيل لا تُشبعك مهما قرأت..
ورُبما أكثرَ ما أحببته هو وصفُ المشاعر لكلِ فرد، هنا تتعاطف مع فهيمة، التي أخذت منها الحياة الكثير، وتحزن مع رضا عند رحيله ولحظة تركه لشوشو وحدها، تحبه مع شوشو أيضًا، وتعيش حيرة مشاعرها تجاهه..
جاء العمل بلغةٍ فصحى في السرد، والعامية في الحوار دون أي ابتذال، وصوت الكاتبة من داخل النص، تتحدث جنبًا إلى جنب مع حكيها لسيرةِ والدها شعرتُ خلاله بتدفقُ مشاعرها، وبكلماتها تنسابُ إليّ.
أسلوب الكتابة بالنظر لكونه أول عملٍ لكاتبته لا بأس به، ضايقني فقط ذلك التنقل من السرد بلسان الراوي، إلى التحدث فجأةً مع والدها، كما استغربت أن الحياة كانت مثالية على الدوام، كما لو أنها تسير على نهجٍ واحد، أو ربما أنا من رأيتُ أن الحياة معهم مثالية برتابة أكثر من اللازم رغم الآلام المُحيطة بهم.. صدقًا، لا أعرف.
مع هذا فقد قدمت السيرة الذاتية ما هو أشمل من كونها ذاتية، حيث أتت سيرة مجتمعية وتاريخية لمصر في عصرٍ حمل الكثير، وغيّر الكثير في حياة شعبٍ كامل، من خلال أسرتين اجتمعتا معًا ليخرجا لنا بطلًا واحدًا.
أحببت الكتاب، وأكثر ما أحببت أني اطلعت على ما حدث بنظرةٍ مختلفة عن تلك النمطية الدائمة في سرد أحداث تلك الفترة العصيبة بشكل أكاديمي، أو دراسي..
هنا كانت الأحداث بعين اللواء أو بعين ابنته، فرأيت ما أردت رؤيته دومًا، كيف شعر الناس وقتها، كيف كانوا؟ وشهدتُ الفارق بين جمال عبد الناصر، وبين محمد السادات، ليس في الرئاسة، وإنما في التعامل.
❞ يمكن العالم دلوقتي ما بقاش ساحة للبطولات. يمكن حرب أكتوبر كانت لحظة استثنائية في تاريخنا ❝
#ترشيحات_سلحفاة_قراءة 🐢📚