زي العادة خلونا نبدأ مع الانطباع الأخير.
الرواية خلصت في جلسة واحدة يا جماعة على الرغم أني كنت ناوي اخلصها على جلستين، مسكت الرواية قبل النوم ومقدرتش انام غير لما أخلصها وأول ما وصلت للنهاية وخلصت العدد الأول لقيتني صوت الفنانة شادية بيرن جنب وداني وبيقول:
"والله يا زمن … لا بإيدينا زرعنا الشوك ولا روينا يا زمن
وإنت يا زمن … قاسي علينا بتبذر شوك حوالينا يا زمن"
الموضوع صعب جدا جدا وقاسي اوي والله ولو كنت صغير شوية كان ممكن ابكي لكن الواحد جتته نحست وياما عدى علينا من أحزان.
ومن هنا يلا بينا على الانطباع الأول.
الانطباع الأول كان بسبب ترشيح بعض الأصدقاء، وكنت عارف إن الكاتبة ميرنا المهدي من الكاتبات المعروفة والحقيقة دي اول مرة أقرأ ليها، كنت مش عارف ابدأ مع تحقيقات نوح الألفي ولا أدخل على آخر رواية مباشرة وبصراحة قلت خلينا نشوف النهايات خاصة وإن غلاف الرواية وأسمها مميز فجر جوايا الفضول.
وما دام اتكلمنا عن الغلاف المميز وأسم الرواية المثير وكلمة الغلاف اللي كانت روعة فيها كم محترم من الأسئلة والغموض يبقى لازم نتكلم هنا عن الافتتاحية والبداية.
ويلا بينا نتكلم عن البداية والافتتاحية.
نفتح الرواية مع إهداء بسيط ومجرد تقسيم للرواية إلى سبع فصول أو مراحل للتغلب على الحزن ومباشرة ندخل على الرواية مع شخصية عيسى وهو شاب حلو كده سبعتاشر تمنتاشر سنه واقف غضبان قدام هدية جدته بمناسبة نجاحه في الثانوية العامة لكن الغريب إن الهدية تبقى جثة وغد.
الله على البدايات وحلاوة الخطاف اللي يشدك من عيونك ويخليك منبهر ومشدود.
هي دي البدايات يا جماعة تقف كده وتبقى عايز تعرف هو في ايه؟ مين ده ومين الجدة دي؟ وايه اللي وصلنا لكده؟
وبعد كده نرجع في الأحداث شوية حلوين نتعرف على لسان شخصية عيسى اللي بيعاني من اكتئاب يتعالج نفسيا عند الدكتور ماجد.
وتدريجيا وبكل سلاسة نتعرف على العائلة الكريمة الأب منتصر والأم صابرين والشقيقات بتول الكبرى ومريم الوسطى وأخيرا الجدة نصره.
العمل كما لو كان اعترافات شخصيات العمل أو خليني أقول ملف تحريات والأسلوب ده في السرد كان رائع ومباشر واضح.
الافتتاحية والتقديم والدخول لصلب الموضوع كان مباشر لكنه مش متسارع يعني لازم تقرأ فصلين تلاتة كده عشان تقدر تتعايش مع كل شخصيات العمل وتقدر تحط كل شخصية في إطار واضح وتصنيف محدد.
تم تقديم شخصيات العمل في سهولة كده وكأنك تشرب كوباية مية وبعدين ينتقل السرد من على لسان عيسى للسان شخص تاني من شخصيات العمل.
وهنا ممكن نقول تعالوا نتكلم عن اللغة في العمل.
اللغة في السرد والحوار والوصف كان بالعربية الفصحى الجميلة جدا جدا.
عندنا بس نسبة الحوار في الرواية زيادة سيكا عن المعتاد لكنه في إطار المسموح بيه في روايات الجريمة والغموض.
هتلاقي كلمات كتير ممكن تقف معاك واقتباسات مميزة ممكن تاخدها من الرواية زي مثلا:
" المشكلة أنك حين تعتاد الوَحدة، تستلذها."
" يا له من جيل تعيس، لن يقول أبدًا ليت الشباب يعود يومًا، فأيام شبابهم هباب في هباب."
" هذا المجتمع صنع ليزعزع ثقتنا بأنفسنا، يبيعون للنساء الخزي والعار، وللرجال الذكورة الهشة."
" ليس كل مَن زأر تحسبه أسدًا جسورًا يا بني. "
" لا يعرف الناس ما يدور خلف الأبواب المغلقة، قد يرون نصيبك من الرزق، ولكنهم يجهلون حظك من الرُّزء."
من الواضح في لغة الكاتبة سخطها ونظرتها السوداوية للمجتمع وما فيه من متناقضات ونواقص وعيوب وزي ما قلت إن المجتمع هو الشرير في الرواية أو خلينا نقول هو الجاني وده يخلينا نتكلم عن الضحايا أو الشخصيات.
ويلا بينا نتكلم عن الشخصيات.
الشخوص هنا أو أبطال العمل بشر طبيعي تقليدي، مفيش الشخصية السوبر هيرو ولا في شخصية الشرير من أجل الشر.
رسم الشخصيات واضح في الرواية ما بين شخصية مثيرة للإهتمام أو شخصية غامضة أو شخصية محورية محركة للأحداث.
كل شخصية عندها خلل ما وكل شخصية عندها ميزة أو مميزات والجاني الوحيد ويمكن تحس إن الشر الوحيد في الرواية هو المجتمع نفسه.
بشكل شخصي مفيش شخصية حبتها أو ممكن حتى اعتبرها قريبة مني لكن كل الشخصيات زي ما قلت واقعية وممكن تقابلها في حياتك العامة.
طب والأوغاد فين؟؟
هتلاقي الأوغاد في الرواية هما باقي الشخصيات في المجتمع، هم نتاج عفن ومرض الحياة والاستسلام للمجتمع، يمكن اللغة واستعراض كل الجوانب الشخصية والنفسية يخليك تفكر في أن كل إنسان عايش رافض تغيير المجتمع والسلبيات اللي فيه هو مجرد وغد من الأوغاد.
وهنا لازم نتكلم عن الفكرة في الرواية.
فكرة الرواية في الأساس استعراض الأثر النفسي في مجتمع زادت فيه نسب التحرش والأمراض النفسية ويمكن دي أول رواية تتعرض لظاهرة التحرش بالأطفال.
لكن لازم ننصف هنا إن العمل أو الرواية مؤلمة بدأت مع اكتئاب الأطفال والآثر النفسي للتحرش اللفظي وسوء الظن ومشكلات السوشيال ميديا وتأثيرها وحكمها المسبق.
الرواية سوداوية جدا وفي لحظات كتير حسيت إنها رواية مترجمة عشان عقلي رافض فكرة إن كل ده بيحصل في المجتمع بتاعنا.
ثانية واحدة كده…
أنا مش نعامة ولا هدفن راسي في الطين، أيوه كل ده بيحصل في المجتمع بتاعنا لكن مش بالكثافة دي، لسه في جوانا خير وحاجات كويسة كتير والصورة مش سودة أوي كده.
عايز أتكلم عن الصورة الكلية للعمل
الكاتبة بقصد طبعا قررت تقدم العمل في شكل قطع بازل في كل فصل أنت بتمسك جزء منا للحكاية ومش بتكون شايف الصورة الكلية وده يخليك أنت كقارئ تركز مع كل جزء وتتأمل تفاصيل كتير وتستخلص أفكار أو رسايل مقصودة من الكاتبة.
وأخيرا في الفصل الأخير الصورة بالكامل بتكمل في شكل لوحة قاتمة لكنها مثيرة للخيال.
أخيرا ممكن نتكلم عن الخلاصة والنهاية
النهاية كانت مرضية جدا وممكن هنا نقول إن تجربتي الأولى مع الكاتبة كانت ناجحة جدا وبجد متحمس للمزيد من أعمال الكاتبة وقريبا هبدأ في قراءة تحريات نوح الألفى.
طبعا انا مش مهتم اعرف اسم الكلب في الرواية - كل واحد وخياله الـ… يا جماعة، ولا ايه؟ - المهم إن اسم الكلب عيب أوي وغير لائق وانا عن نفسي عندي تصور وخيال يخليني أتوقع الأسم.
في النهاية انا فكرت احط نهاية جديدة للعمل ده أو الرواية وعندي فعلا أكتر من فكرة بس لقيت إن تغيير نهاية رواية بوليسية لازم يتغير معاه حاجات في مسرح الجريمة واكشف شوية أدلة جديدة وطبعا بالطريقة دي هناخد وقت كتير وبصراحة انا محتاج بريك طويييييييل.
ختاما كل الشكر لمديرة الجروب الطيبة اللي كانت بترد عليا على الخاص وشكرا لكل القائمين على الجروب والمسابقة والرعاة الرسميين، فلقد كانت رحلتي معكم في شغف الكتب مثيرة وملهمة ومهما كانت النتيجة فأنا راض تماما.
#أحمدمجدي