السايكلوب > مراجعات رواية السايكلوب > مراجعة Fedaa El Rasole

السايكلوب - إبراهيم عبد المجيد
تحميل الكتاب

السايكلوب

تأليف (تأليف) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

هل يُمكن للموتي أن يعودوا ذات يوم؟، وإن كان ذلك مُمكناً فهل يعودون بإرادتهم أم أن أرواحنا تستدعيهم باشتياقنا لهم؟!.

في بداية غرائبية وجد سعيد صابر نفسه قد عاد إلي الحياة بعد مُفارقتة لها، لم يكُن يُصدق، إلّا أن الشواهد كُلها جعلته يتأكد من حقيقة عودتة للحياة مرة أخرى، لكن هُناك هوة ساحقة بين الزمان الذي غادر فيه سعيد والزمان الذي عاد إلي الحياة فيه، بين مقدرتة علي التعايُش كآدمي في السبعينات وبين القدرات الغريبة التي تمتع بها جسدة بعد عودتة!.

سنعرف لاحقاً أن سعيد بطل أحد أعمال الكاتب المشهور الذي توقف عن الكتابة بفعل ضغط الزمان ومقت ظروفه وأحوالة، كل شيء في الواقع يُشيرُ إلي الحنق والخنق، فيفقد الإنسان معه حُبه للأشياء التي يهواها، هكذا رفض الكاتب تسطير أي شيء جديد من حكاياته واكتفي بالحنين إلي أبطاله السابقين الذين كان منهم سعيد الذي عاد إلى الحياة الآن!.

لن يكتفي سعيد بالذِكري ولا بالتساؤلات التي تشغله عن عالمه الماضي في الرواية وعالمه الحاضر الذي قفز إليه فجأه، لكن بعد أن توقف كاتبه عن خلق شخصياتٍ جديدة فإن سعيد يتوق إلي كتابة الرواية، وإن كان الجميع أصبح يمتهن الكتابة في الوقت الحالي فلِم لا نُضيف إليهم شخصاً آخر، أو شبحاً آخر.

انطلق سعيد في كتابة روايتة، ظن أنه عاد إلي الحياة بكامل بشريتة السابقة رغم كونة مُجرد شخصية خيالية، لكن سُرعان ما اكتشف بأن كاتبة المشهور لازال يتحكم في قدرتة علي الوصول إلي الأشياء والظهور أمامها بالشكل الإنساني الطبيعي أو بكونه شبحاً مجهولاً لا يراه أحد.

توالت الصدمات علي سعيد بفعل تغير الزمان الذي خرج منه للذي استُحضِر فيه، لكن بعد فترة أدرك أن كاتبة استعادة لأغراض خاصة قرر تغييرها فيما سبق من أحداث اختلط فيها الواقعي بالروائي فأصبح الخيال سيّد الموقف وتاه سعيد بين كل ذلك.

تاه حتي أفرج عنه علاء عبد الخالق وقرر أن يُطلق سراحة لوقت مُحدد كي يكتب روايتة كيفما شاء، ولكي يصنع من أحداثة وتفاصيله هو مِداد لتلك الرواية التي قرر أن يكتبها بعد أن اكتفي من مُجرد التفاعل مع حكايات كاتبه والتعاطي معها فقط.

كُنت أسمعُ دائماً عن الكتابة الساحرة، حيث يكون للكتابة جانِبٌ مُتألق يبرز في إحدي جوانب العمل أو في طريقة سرد القصة أو في نقلة نوعية تحدث بداخل الحبكة بشكلٍ مُميز يضع القارئ في موضع الانبهار من شكل التكنيك المُتبع في الرواية.

في السايكلوب السحر ليس في إحدي جوانب العمل ولا في ركنٍ من أركانه، ولكنه في الفكرة ذاتها، أن تخلق عالماً مُركباً يمزج بين الماضي والحاضر بتاريخيهما، أن تقفز أربعون عاماً كاملة ثُم تعود رويداً لاستكشاف تلك السنوات علي مهل محاولاً استيعاب مدي التغيير السريع الذي طرأ علي أحوال الناس وثقافتهم ووضعهم المادي والاجتماعي.

ليس هكذا فقط، ففكرة أن يعتمد الكاتب في روايتة علي أبطال جميع أعماله، أن يستحضرهم علي اختلاف ظروفهم ولهجاتهم وأحوالهم ويدمجهم في عمل واحد بما يتناسب مع رؤيتة لهم، هذا درب من الجنون الممتع اللذيذ، الذي حُبِكَ في العمل ببراعة وتم صناعته بإبداع.

غير ذلك فإن الظروف لا تسمح دائماً بنهايات مُناسبة لأبطال الأعمال، فإعمال العقل في مصائرهم حتي بعد انتهاء الرواية وخروجها إلي المطبعة قد يتطلب تعديلاً أو استحقاق آخر يجب أن يُمنَحَ لهم، فما الصبر من مُحاولةِ أُخري لاستعادة مصائرهم وإعطاء فرصة أُخري لهم؟!.

يُثبِتُ الأستاذ بهذه الرواية بما لا يدع مجالاً للشك أن الكاتب أسير أبطاله، وأنهم أحياء في عالمه، يخاطبهم ويخاطبونه، لهم لغة خاصة من الحديث تبعونها فيما بينهم، وأن الكتابة كفعل أكبر بكثير من مُجرد تسطير الحكايات وبعثرة أحبار الأقلام علي الأوراق الفارغة، وأن الكاتب يروي ذاته ويضع في حكاياته من أسراره وذكرياته وتجاربه حتي وإن غيّر الأسماء وعدّل التواريخ، تبقي الروايات شاهدة علي حقيقة ما يقصدة من أحداث، وما يذكره من أشخاص.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق