أعتز دائمًا أنني من الجيل الذي تربى على السلاسل مثل ما وراء الطبيعة وملف المستقبل ورجل المستحيل، لذا أعرف كيف تكون السلاسل ومازلت متشوقة لسلسلة تجعلني أشعر بالشعور ذاته مرة أخرى.
النقطة الأساسية التي تجعلني أشعر بالأرتباط بالسلاسل هي الأشخاص، فمن منا لا يتذكر مباشرة رفعت إسماعيل بمجرد ذكر ما وراء الطبيعة، ومن لا يعرف أدهم صبري رجل المستحيل؟!
النقطة الثانية هي المتعة، يجب في السلاسل تحديدًا أن تجعلني أشعر بالمتعة من العدد الأول حتى تجذبني لأستكمال كل الأعداد التالية والإنتظار بكل شوق للأعداد التي لم تأتي بَعد حتىٰ، بل أكثر ما جذبني لقراءة رجل المستحيل هو عدد من منتصف السلسلة، والذي جعلني اتساءل ما الذي حدث قبل ما قرأت وما الذي سيحدث بعده.. السلاسل تجذبك لقراءتها قبل حتى كتابة الأعداد القادمة منها.
لقد أطلت الحديث في البداية لتوضيح كل النقاط التالية التي سأتحدث عنها في هذا العدد الأول من سلسلة عواصف الغبار المسمى بـ(أبناء منازل الطين).
السؤال الأول... هل هذا العدد الأول من هذه السلسلة جعلني أرتبط بالأشخاص كما أنتظر في السلاسل من هذا النوع؟ الإجابة بكل تأكيد لا.
السؤال الثاني... هل هذا العدد الأول من السلسلة جعلني أتشوق لقراءة الأعداد القادمة منها؟ الإجابة بكل تأكيد لا، بل الأسوأ أنه لم يجعلني اتشوق حتى لاستكمال هذا العدد في حد ذاته، وكنت أجاهد لإنهاء 100 صفحة من المفترض أن تنتهي معي في جلسة واحدة فقط!
هذا في حالة كنا نتحدث عن سلسلة ستحتوي على تفاصيل كثيرة تاليًا ولكن الكاتبة لم تجعلني اتطلع أو أرغب حتى في التعرف على كل ما تحاول رسمه.. هل تعرف لماذا؟ لأن العالم الذي رسمته أمامي في العدد الأول كان عالم مهلهل! تفاصيله غير واضحة أو متماسكة، كل شيء جاء فيه سريعًا، الأشخاص لم ترسم جيدًا فلم أعرف إلا رتوش من خلفية كل واحدًا منهم، بل أن هناك أشخاص منهم ظهروا فجأة بدون تمهيد.
الأبطال تنتقل من المدينة الزجاجية إلى قلعة الشيطان التي من المفترض صعب الدخول لها ولكنه فجأة أصبح سهل، تنتقل البطلة بالزمن بدون أي مجهود واضح سوى إنها تردد بعض آيات من القرآن الكريم!
ننتقل إلى لحظة خلق آدم وحواء وتعيد على مسامعنا لحظات نحفظها عن ظهر قلب، هل كان لها معنى في الأحداث أو مبرر أو حتى تمهيد؟ الإجابة أيضًا لا.
العالم نفسه توقف وقررت أمريكا أن تصنع التاريخ من البداية وتمحو كل ما سبق، ومن ثم إعادة رسم التاريخ ذاته الذي حدث بالفعل! هل ترغب الكاتبة في تعريفنا بتاريخ سيدنا أدم وبداية الخليقة؟ ما الذي قامت بتبديله أو استغلاله بشكل صحيح في كل تلك الفكرة؟
حتى اسم التطبيق الذي قررت الحكومات صنعه للتحكم في الشعوب كان مقتبس اسمه من الفيس بوك نفسه حتى وأن كان اسمه (هوك لوك) الذي ربما كان مدلول على الخُطاف الذي عَلق به الأشخاص الذي بدوره يمثل العالم الجديد الذي أُغلق عليهم.. لا أعلم كنت أجاهد لفهم ما كل تلك التفاصيل غير المترابطة التي بلا معنى.. بالمناسبة هل كان يمكن أن تحاول الكاتبة البحث عن اسم بعيد عن الفيس بوك ومتفرد بعض الشيء؟
كل هذا بالتأكيد بجانب المشكلة الأكبر والأهم في هذا العمل، فمن الصفحات الأولى وجدت حرق الكتب والمحرقة التي تتواجد في ساحة كبيرة... أين شاهدت هذا من قبل؟ نعم تذكرت في ثلاثية غرناطة.
الغريبة أن كل الأفكار المتتالية وجدت أنها مقتبسة من أعمال أخرى، حتى الفكرة الوحيدة التي لفتت نظري وهي المنازل الزجاجية وجدت صديقة عزيزة تذكر أنها مذكورة سابقًا في رواية فانتازيا أخرى باسم السيد من حقل السبانخ.
حتى أن الاسم نفسه وجدته يتشابه مع (أسفار مدينةالطين) للكاتب سعود السنعوسي!
لنهاية الصفحات كنت أرغب في قراءة فكرة واحدة جديدة ومتماسكة، ولكنني للأسف لم أجد!
إذا كنت ككاتب قررت كتابة سلسلة فمن الضروري أن تكسب القارئ الذي يدخل معك لأول مرة العالم الذي قررت رسمه وتجذبه لللحاق بك ومعرفة ما الجديد وما سيحدث، ولا تجعلني أشعر بالملل والفتور وعدم الرغبة في التعرف على هذا العالم من الأصل بحجة أن الأعداد القادمة سيتضح فيها كل شيء!!
باختصار حاولت الكاتبة أن تصنع عالم مختلف فقررت أن تأخذ بعض من التاريخ الحقيقي وتشوهه، وتأخذ الكثير من التفاصيل في روايات وأفلام ومسلسلات أخرى ومزجتها معًا فجأت النتيجة سيئة.
النقطة الوحيدة الإيجابية في هذا الكتاب هو لغة الكاتبة الجيدة التي إذا ما كانت استخدمتها في أفكار جيدة ومتناسقة وغير مقتبسة كان يمكن أن تقدم عمل مميز، ربما لهذا السبب وضعت النجمة الواحدة في تقييمي.