من اكبر التحديات اللي بتقابل اي كاتب اختار ان يكتب رواية تندرج تحت تصنيف أدب الديستوبيا او أدب المدينة الفاسدة هو محدودية الأفكار، ومحاولته التجديد عن اللي سبقه في ارض هي ضيقة ومحدودة جدا.
يعني حتى في الافلام او المسلسلات المرئية هنلاقي دايما ان الموضوع بيدور حوالين فكرتين او تلاتة. الارض اتدمرت نتيجة حرب او نتيجة فيروس وبدأت تتكون ديكتاتورايات صغيرة بيحكمها شخص واحد بقبضتي الحديد والنار.
ويمكن اهم تحدي بيواجه اي كاتب بيحاول يخوض التجربة دي هي ان في شخص سبقه بكام سنة هو مصعب الدنيا بصراحة ومعلي سقف التوقعات جدا بالنسبة لقراء ومحبين النوع ده من الكتابة وهو اكيد چورچ أورويل وتحفته الخالدة ١٩٨٤. في اعتقادي ان اي كاتب بيحاول بيكون عنده تخوف مسبق ان القراء يتهموا روايته بالتكرار او التقليد او النحت من ١٩٨٤.
تقريبا الوحيد اللي شوفته وقرأتله ممكن يكون خرج شوية من عباءة ١٩٨٤ وقدم التجربة بشكل مختلف هو الكاتب ... وروايته عطارد..
ولو جينا للرواية هنا هنلاقي للاسف ان الكاتبة برضو مقدرتش تخرج من عباءة ١٩٨٤ بشكل جيد كفاية. بالعكس احداث الرواية متشربة او متشبعة من روح ١٩٨٤ جدا. زي تغيير مسميات الاشياء، الديكتاتور المتحكم في كل ما يخص شعبه،زي لبسه او شكل حياته او حتى افكاره وتوجهاته. تحريم القراءة والكتابة وحرق كل ماهو مكتوب على ورق، حركة محو التاريخ السابق وكتابة تاريخ جديد هو متغير على حسب الحاجة. يمكن الفرق الوحيد اللي هيخليك تحس انك مش في ١٩٨٤ هي نكهة الحداثة الموجودة وسط الاحداث زي موقع التواصل الاجتماعي هوك لوك اللي برضو هو اداة تحكم من السلطة في فرض سيطرتها واحكام قبضتها على شعبها.
رسم الشخصيات وطريقة سير الاحداث في خطها الزمني مليانة ثغرات وحاجات كده تحسها مش مفهومة او مش واضحة كفاية.
يعني شخصية مريم شيخ العطارين اللي بنقابلها في اول الرواية بينتهي مشهدها بانها عايزة تروح لقلعة الشيطان لانها شايفة ان فيها نجاتها من حياة السجن اللي عيشاها مع أهلها، بنفاجئ في نص الرواية انها في قلعة الشيطان ولما يسألها سليمان البطل تاني معاها ازاي عملتي كده فبتقوله بكل بساطة انها جابت حبل وطلعت سور القلعة ونطت اغمى عليها صحيت لقت نفسها مع سليمان في رحلته.
الجدير بالذكر ان قلعة الشيطان دي هي تعتبر اخر مكان حصين ضدد سطوة الحاكم وسلطته ومقدرش يعمل قصاد اسوارها او حوائطها المصمته شيء وظلت بمثابة صخرة تكسرت عليها كل احلامه وطموحاته ان دولته كلها تكون تحت سيطرته.
فايه اللي تم بالنسبة للقلعة دي؟
بالضبط، المعتاد زي ماهو متوقع.. نسج الاساطير والاكاذيب حوالين القلعة ووصفها بانها معقل الشر اللي بيهدد امن البلد، فااحنا هنا المفروض قصاد شيء مفصلي ومهم جدا في سياق الاحداث، لكن بنشوف ان مريم عادي قالت انا هروح القلعة وراحت القلعة عادي جدا من غير ما نعرف ايه هي الصعوبات او المشاكل اللي واجهتها او حتى تسليط الضوء على الوضع في اسرتها بعد معرفة خبر هروبها.
ننتقل للبطل التاني وهو سليمان ساكن قلعة الشيطان اللي عمته بتحاول تجهزه لرحلة هي كما يشعر القارئ هي رحلة محفوفة بالمخاطر و الموت هو اهون صعوبة ممكن تحصل فيها وكم تهويل في الرحلة رهيب، طيب نيجي نشوف الرحلة وظروفها وكده نلاقي ان عادي هو بس كان بيتأهل لدخول مكتبة جده اللي بقالها ٢٠ سنة متفتحتش وهو بيقرأ فيها بينتقل بوسيلة ما انه يكون في الارض قبل ظهور سيدنا آدم بل بيشهد على خلق سيدنا آدم ومشهد طرده من الجنة. وطبعا بيكون قابل مريم وهو في طريقه في الرحلة دي. احنا مبنعرفش هو انتقل ازاي والاحداث في كمية لا منطقية بصراحة مزعجة جدا.
وكأن تصنيف الرواية التخيلي بالاساس هيشفع لامنطقية الاحداث!
من الحاجات الملفتة شوية هو انك دايما حاسس في القراءة خصوصا في الحوارات بين الشخصيات ان في فلسفة ما او كلام ينفع يتحط اقتباسات على الفيس برغم كونه عادي في بعض الاحيان، الشيء اللي حاسه انه ضر النص اكتر من افادته.
عدد صفحات يزيد عن ١٠٠ بحاجة بسيطة انت حاسس ال١٠٠ صفحة كلهم تمهيد لأحداث تانية، فتشعر انك بعد الانتهاء منها لم تصل الى شيء مفيد! هو اه الرواية شكلها جزء من سلسلة، بس حقيقي هي تجربة انا شايف ان كان ممكن الانتظار و العمل عليها أكثر من كده عشان تظهر بشكل أفضل من كده حتى لو كانت جزء من سلسلة.