"لقد تعلمت أن الأمل قد يكون حبل مشنقة. نضع رؤوسنا بكامل إرادتنا وبمنتهى اللامبالاة في حلقة سادية وننتظر حتى نُشنق."

رواية "حيث أنتهي" هي نوعي المفضل في الرعب، الرعب النفسي الصادر عن جميع الشخصيات، مع الإيحاء الدائم بأن هناك عنصر خارق للطبيعة، وكان العنصر هنا هو الجزيرة المزعوم بإنها ملعونة، ولكننا مع تقدم الأحداث نكتشف أن قاطني الجزيرة ملعونين بشكل أكبر، فتمسكهم المتعصب بخرافات تناقلت بينهم كأصنام تُعبد ولا تُهدم، بل وتكبير حجم خوفهم من خلال أفعال غريبة ولامنطقية، كإمتناعهم عن تعلم السباحة لأنهم يظنون إنهم بتلك الفعلة يتحدون البحر! فيغضب عليهم ويُعاقبهم، وأشياء أخرى وتكنهات غريبة ومريبة يقومون بها، فتدمر حيوات غيرهم، فأي شخص قد سبق الحُكم عليه بأنه ملعون، ستصبح حياته لعنة حقيقية حتى لو كانت كل الأسباب التي تبرهن ذلك غير عقلانية، تمسكهم بخرافات ماضيهم تتحكم في أفعال حاضرهم ومستقبلهم، ومن تلك الخرافات أنهم لا يتزاوجون من خارج الجزيرة، وعندما قامت أحد الشخصيات بذلك نبذوها!

تبدأ الأحداث الحقيقية بقدوم "ريتشيل" الفنانة وطفلها الرضيع إلى الجزيرة، فتنشأ علاقة بينها وبين "إييلين"؛ الابنة غريبة الأطوار الملعونة من أبناء جزيرتها، ونحن على دراية بخلفيتها وخلفية عائلتها الغريبة بالطبع، فغرابة الطباع والأحداث تُصافحنا منذ أول صفحات الرواية، هناك جو عام من القلق يغلف كل شيء، حتى الطريقة التي تُدار بها الأزمات، شخصية "الشيء" وطريقة إخفاءه والتعامل اليومي معه، تفاصيل مريعة ومُقززة ومُخيفة تُمهد لشر أكبر، وأحداث أكثر شذوذاً، وقد كان، أنتظر حتى النهاية، وستدهشك بكل تأكيد.

لعبت الكاتبة "صوفي وايت" لعبة ذكية بإيهامنا في أول الأحداث بأن شخصية بعينها تحمل طباع معينة وصدقناها، ولكن بعدما تُكشف كل الأسرار من الماضي، وبعدما نرى بأعيننا أفعالها، ونُذهل ونُدهش من الغرابة، ويُصبح الخوف على الشخصيات الأخرى ملازماً لنا، نتيقن أن ما تم تلويثه لا يُمكن أن يصلح مرة أخرى، ورغم أن النهاية لم تكشف إلا عن جانب واحد من سوداويتها، فقد تُرك لنا أكثر مما قيل لنتخيله، وعلى الأخص بعد التأكد من أفعال بعينها.

ختاماً..

رواية رعب نفسي مجنونة، سردها مليء بالغرابة، ستقلقك وتدهشك وتُقززك، ولكنك لو من مُحبي الرعب النفسي سيزيد تقديرك لها مع التقدم في الصفحات، ورغم حبي لهذه الرواية، فلا استطيع أن أرشحها إلا لمُحبي هذا النوع من الروايات، التي تجعلنا نغوص في أعماق النفس البشرية، وتشعباتها الهائلة وتقلباتها المجنونة، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ، أن هذه الرواية المليئة بالرعب النفسي والخوف والقلق تتحدث عن شيء هو النقيض تماماً من ذلك؛ ألا وهو الأمومة! فكرة مجنونة، ولكنها ممتعة، وأدعي بأن تقديري للرواية ظل يرتفع تدريجياً حتى النهاية. لو هناك سلبية تؤخذ على الرواية فهو عدم إشراك شخصيات من الجزيرة غير المعنيين بالأحداث، كالعائلة والفنانة، أو أنه يمكن أن أقول كنت متعطشاً للمزيد من شخصيات هذه الجزيرة الملعونة.