حكايتي الأخيرة للتنين > مراجعات رواية حكايتي الأخيرة للتنين > مراجعة إبراهيم عادل

حكايتي الأخيرة للتنين - محمد عبد الله سامي
تحميل الكتاب

حكايتي الأخيرة للتنين

تأليف (تأليف) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

في رواية "حكايتي الأخيرة للتنين"، الصادرة مؤخرًا عن دار المحروسة، نجد أنفسنا إزاء رحلةِ مختلفة، نبدأها من النهاية، حيث يفاجئ القارئ ببطل الرواية يشرع في تنفيذ خطة للانتحار، وما إن تفشل هذه الخطة حتى يجد نفسه أمام خطة أخرى للحياة تفرض نفسها عليه لوفاة رجل آخر أمامه، كأنه فداه بحياته، وحينها يقرر البطل "عيسى" أن يتتبع ما كان من سيرة ذلك الرجل ويسير في الحياة مثله.

تسير الرواية في خطين متوازيين، يتمثل الأول في حياة البطل بعد محاولة الانتحار وما يقابله في طريقه من شخصيات ومواقف، والخط الآخر هو ذلك الماضي الذي لا يزال مكبلاً به وبآثاره يسعى للخلاص منه وتجاوزه، وقد أجاد الكاتب الروائي محمد عبد الله رسم تفاصيل عالم بطله، والانتقال الذكي بين لمحاتِ من ماضيه وما يعانيه في حاضره، كما اختار أن يعرفنا على تفاصيل حياته تدريجيًا، ففي البداية لا نعرف عنه إلا ما يحيط به أثناء محاولة الانتحار أمام مزلقان القطار، وهو يرصد أنماط الناس هناك، ثم إذا به ينتقل إلى منزله فنتعرف على جيرانه، وشيئًا فشيئًا نعرف أنه أستاذ جامعي في الفلسفة قادمٌ من أمريكا بعد رحلة مليئة بالإحباطات، أصيبت أمه بالسرطان فجأة فاضطر للعودة إليها حتى ماتت من فترة قصيرة. وإذا به يعود إلى ذلك الماضي ويلملم ما تبقى منه بين خوفٍ وقلق ورجاء!

نتعرف على طفولة "عيسى" وبداية تعرفه على الفلسفة من خلال أستاذه وصديق والده "سليمان" الذي فتح له عالم الأدب والفلسفة، وكان أول محفزٍ له على التفكير فيما يقرأ بل ومحاولة نقده، والذي كان بمثابة الأب الروحي له، والذي شجعه للالتحاق بكلية الآداب بل ورسم له خطة إنجازاته وحصوله على الدكتوراة من الخارج، ويحكي له فيما يحكي قصة رمزية عن الطفل الذي يتمكن من مواجهة التنين، تلك القصة التي تبدو مرتبطة بالرواية منذ بدايتها وحتى النهاية، والتي تتحدث عن أسطورة التنين المهول الذي تكسو جلده حراشف نحاسية مسجل عليها كل ما على الروح أن تعمله، ولذلك تتحول تلك الروح إلى جمل ثم إلى أسد حتى تتمكن من القيام بالمطلوب منها، ثم يتحول فجأة إلى طفل، ويكتشف أنه بتلك الهيئة الجديدة قادر على مواجهة التنين:

(( تمكَّن الطفل، في وقت زهيد، من الانفصال عن كل ما حدث بالماضي، ومن التغاضي عن تاريخ الخضوع وسنوات الغضب، ومن التَّخلُّص من مشاعر الاحتقار لهيئاته السابقة، فهيئاته السابقة ماتت، وكانت في موتها البذرة التي نبتت منها صورته الحالية، صورته الأخيرة التي أصبح بإمكانه استخدامها لصنع كائن أفضل، وأقوى. يمكنه أن يكون هو البداية الجديدة لأن يعيش بإرادته وأفكاره وقيمه الشخصية بعيدًا عن اتفاقها، أو اختلافها عمّا رآه في رحلته مع التنين))

هكذا جاءت حكاية التنين بشكلٍ عابر بين ثنايا الرواية، بينما انشغلنا بتفاصيل مغامرات "عيسى" وعلاقاته بين جيرانه وتلاميذه الذين يسعى لانتشالهم مما هم فيه من ضياع، وبقي عنوان الرواية وتلك الحكاية مؤشر هام يمكن أن يعيدنا لتأويل رحلة عيسى كلها وسعيه الحثيث للتغلب على ذلك التنين، سواء كان ذلك التنين حياته التي لا يجد لها معنى، أو المجتمع الذي فرض عليه ظروفًا ومواقف وأحداث لا قبل له بها، أو حتى محاولاته الجديدة للتغلب على تلك العقبات التي اعترضت طريقه في النهاية.

............

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق