"ما الذي تحقق من تلك الأهداف حتى الآن؟ ينتابنا جميعًا شعور بأنكم نسيتم أهدافها التي ضحيتم من أجلها حسب زعمكم. معظم مؤيدي الثورة يعتقدون يقينًا أن كتائبكم ما هي إلا كتائب القذافي متنكرة بزي جديد وشعارات جديدة، (…) دوامة لن يخرج منها الوطن إلا على غرفة الإنعاش." - العايدون للكاتبة الليبية كوثر الجهمي 🇱🇾
موجع هذا العمل الرائع للجهمي التي اختزلت فيه مآل الثورة الليبية وانحرافها عن المسار الذي طالما تشدّقت به جماعات الثوّار، فصارت وبالًا على المدنيين الأبرياء الذين توسموا فيها خلاصًا قبل أن يعهدوا فيها خرابًا لا يترك أحدًا سوى وسمه وصنّفه مؤيدًا أو معارضًا، مضحّيًا أو خائنًا.
وعلى خلفية التداعيات التي تبعت إسقاط نظام القذافي، تستعرض الجهمي من خلال قصة أم وابنتها حالة الهوس التي عصفت بالمجتمع الليبي والتحول الذي أفرز مسمّيات عنصرية ما بين عايدون (الليبيين العائدين من الخارج بعد الهجرة أثناء الاحتلال الإيطالي)…دبل شفرة (مزدوجي الجنسية)…طحلوبة (موالين للقذافي)…ودفع بأبناء الوطن الواحد للتحقير من شأن كل من اختلف عنهم، وذلك بعد أن كانت طرابلس "بوتقة انصهرت فيها كل الأعراق التي مرت بها، وكل الأهواء وكل الأمزجة."
يضرب مبضع الجهمي قرحًا عديدة ما بين تنميط دور المرأة والتسلط عليها في المجتمع الليبي ذكوري الأعراف، وتزييف الوعي باسم وعود مخاتلة، وتشرذم المجتمع إلى مزق تستعصي على الاندماج في نسيج واحد مجددًا. أحسنت الجهمي بناء شخصيتي حسناء وغزالة، ووفقت في اعتماد مساق غير خطّي في القَص، كما أنها قد نجحت في نقل "حس الفجيعة" للقارئ دون استجداء أو استمراء. لعل المأخذ الوحيد في تقييمي هو عدم توظيف بعض الاستدعاءات التي أدرجتها المؤلفة بشكل كامل (دمشق، كريت، التمثال)، وهو رأي شخصي بحت.
#Camel_bookreviews