قلب الليل > مراجعات رواية قلب الليل > مراجعة دينا ممدوح

قلب الليل - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

قلب الليل

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

*قرأت هذه الرواية منذ سنوات وهذا بعد أن ظلت تتأرجح ما بين ما قائمة للقراءة وقائمة القراءة الحالية فلقد بدأت في قراءتها أكثر من مرة ولم انهيها إلا مرة واحدة.

حتى الآن لا أعلم السبب لذلك، الرواية ممتعة واحداثها جذابة وتجبرك تنتظر للنهاية لتفهم ما حدث وما هي قصة أبطالها.

والغريبة أنني لا اتذكر احداثها فكانت القراءة الثانية وكأنها الأولى خالية من أي توقعات أو أفكار وحتى مع استمراري للقراءة لم استطيع أن اتذكر نهايتها، أعتقد أن هذا من أهم فوائد النسيان فللمرة الأولى أكون ممتنة للذاكرة التي خانتني.

*قرأت نسخة مكتبة مصر، من النسخ القديمة التي أعتقد انها غير موجودة الآن إلا في سور الأزبكية، الأهم في هذه النسخة هو الرسومات، لن أبالغ أن قلت أن الرسومات حية! تنبض ملامح الأشخاص والتفاصيل فيها بشكل بارع، على الرغم من أنها بالأبيض والأسود إلا أنها تتحدث عن نفسها دون الحاجة للألوان، لذا اصاب بالدهشة كيف يمكن ترك هذه الرسومات واستخدام أخرى تبدو كاللوغاريتمات لا يمكن حلها أو فهمها ولا تعبر عن حالة روايات نجيب محفوظ؟ لا أعلم!

*الرواية تتحدث في البداية عن جعفر الراوي، الذي جاء للبحث عن ميراثه من جده، فيجده بالكامل للوقف، أثار هذا غضبه وطلب من المتحدث المجهول معه طوال الرواية -والذي أعتقد أنه كان الكاتب نفسه- أن يقدم طلب لاسترجاع ميراثه من الوقف على الرغم من أنه يعلم أن هذا مستحيل.

طوال الأحداث يحكي جعفر الراوي عن حياته، لقبه وحده كان دليل ما كان سيقوم به طوال الرواية، كان راوي للحياة والمواقف والمتغيرات والتقلبات التي يمكن أن يتعرض لها الشخص، أعتقد أنه لم يتحدث فقط عن نفسه ولكن تحدث عن كل شيء في شخصه هو.

جعفر الراوي هو شخص تجسدت فيه كافة متناقضات الحياة، يمكن رؤية شخصيته بمزيج مختلف مع كل صفحة من صفحات الرواية، بدأت مشكلته بالبحث عن ورثه الذي قام جده بوقفه بالكامل وبالتالي حُرم من الميراث وأن كان يعتقد إنها المشكلة ولكنها كانت نتيجة لاختياراته فحسب.

*توفى والده ومن ثم والدته ليعود لكنف جدة مرة أخرى بعد سنوات من القطيعة، في البداية شعرت أن الله منحه فرصة أخرى للحياة بطريقة سليمة، الفرصة كانت هي كلمة السر في حياة جعفر الراوي، هي النظرة الأولى التي شاهدت بها الرواية، وشعرت إنها تعرفنا معنى وقيمة الفرصة التي تأتي مرة واحدة، ولكن جعفر كان محظوظ فقد جاءته الفرقة أكثر من مرة، الفرصة الأولى اضاعها في لحظة عشق مجنون والفرصة الثانية اضاعها في لحظة تهور، والفرصة الأخيرة نبذها لعيش ايامه الاخيرة بلا هوية.

*هل كان يعيش بلا هوية؟ يمكن اعتبارها النظرة الثانية التي شاهدت بها الرواية وشخصية البطل، هويته طوال الوقت ضائعة يحركه الاشخاص في حياته كقطعة الشطرنج، ولكنه لم يكن القطعة الرابحة مطلقًا في كل حركة، حركة المرة الاولى جدة الراوي فاستجاب، وحركته المرة الثانية مروانة فخضع، وحركته المرة الثالثة هدى حتى اصابه الجنون، لم يتحرك مرة واحدة وراء اهوائه إلا في النهاية حينما قرر أن يبقى قطعة ملقاة في الخرابة حتى يموت.

*النظرة الاخيرة التي شاهدت بها جعفر الراوي انه يرى الحياة بفلسفة مختلفة، يريد أن يصنع فلسفته الخاصة التي بحث عنها في الدين ولم يجدها، بحث عنها في اللهو وحياة الغناء والسهر والخمر ولم يجدها، بحث عنها في العلم والسياسة ولم يجدها، ليجد نفسه في النهاية يحاول اقناع الاخرين بأفكار لم تكن يومًا تعبر عنه فرفضه الجميع.

*تأرجح حفيد الراوي طوال صفحات الرواية ما بين الحلم والأسطورة والمأساة ليصل في النهاية لطريق مسدود، خسر فيه جده وزوجتيه واولاده وحياته وفكره وعلمه وحتى مكان دافئ لنومه، للحظة الأخيرة لم أشعر بندم جعفر أو ربما ندم ولكن لم يظهر ذلك بالقدر الكافي، فقد حياته في مقابل عنده.

*من الروايات ذات النهايات المفاجأة والمنطقية ولكنها فلسفية ومثيرة للتساؤل بشكل مبهر، ستنتهي منها ولكن لن تنتهي مطلقًا من أفكارها واحداثها وستظل تتردد داخلك بعض الوقت.

*اقتباسات من الرواية:

-اني أرى الإنسان نوعين: إنسان الهي وإنسان دنيوي، الإنسان الالهي هو من يعيش الله في كل حين ولو كان قاطع طريق، والدنيوي هو من يعايش الدنيا ولو كان من رجال الدين.

-الذكريات تنهمر كالمطر... هي دائمًا كالمطر ومهمتك أن تصنع جدولًا صافيًا.

-ماذا عن الحرية؟ مثل المغامرة، تمارسها أحيانًا كمتعة للغرائز كما استمتعت بمروانة والنبيذ والمنزول، هي عبودية متنكرة في لباس حر، الحرية الحقيقة وعي العقل ورسالته وأهدافه وتحددي الوسائل بحرية الإرادة وتنظيمها التنظيم الدقيق الذي يجريها مجري القيود.

-العقل هو ما يعمل بالمنطق والملاحظة والتجربة ليصل إلى حكم نقي تمامًا مما يخل بالمنطق والملاحظة والتجربة، وهو ما أسميته بالحقيقة.

-هذا العقل يعتبر مخلوقًا حديثًا نسبيًا إذا قيس بالغرائز والعواطف، فالذي يربط الإنسان بالحياة غريزة، والذي يربطه بالبقاء غريزة، والذي يربطه بالتكاثر غريزة، ودور العقل في كل أولئك هو دور الخادم الذكي.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق