حاز صديقة علي مكتبة ضخمة كانت لعجوز مُعمرة تخطي عمرها المائة عام، وبينا هو يفرز الكتب وجد مخطوطات يدوية يبدوا لأنها مذكرات مكتوبة بلغة غير مفهومة بخط غير واضح، بعد ذلك ثَقُل الخط وازداد تماسكاً ورسوخاً وتوالت الفصول بعد أن طلب رفاييل من صديقة المترجِم الحصول علي قاموس مفهوم لشرح ومعاني وأصل اللغة المكتوبة التي أشار لكونها لغة مُندثرة اسمها الكيميترية.
رُتِّبَ بعد ذلك العمل بفصولة علي نحو مناسب وها نحن بصدد قراءة الآن.
لا شيء يُسيطر علي الإنسان ويتملك منه قدر غريزته في البقاء خاصةً حينما يكون مُعرضاً للخطر، ففي الوقت الذي بدأ الطعام فيه يشح وتناقصت المواد الغذائية في منزل أناطولي فقد قرر المُخاطرة بحياته والخروج من المنزل بحثاً عن الطعام لأسرتة، حينها كان واجب فيليكا هي والأولاد أن يبقوا علي قيد الحياة بأي شكل حتي يعود أناطولي.
غاب أناطولي أسابيع لكن ظلّت فيليكا تُطعم الاولاد بشكل جيد وتحافظ علي بقائهم كما هو السابق، حينها تواردت الأنباء عن العديد من المُختفين من أصحاب القرية والذين عثروا علي جثثهم أو ما تبقي منها فيما بعد، كان حدثاً غريباً علي قرية هادئة معدودة النسمات! لكن عندما عاد أناطولي وشاهد ما حدث في بيته فُكَ اللغز.
في قصةٍ أُخري كانت برانكا تهتم جداً بحفيدتها لاتاشا بعد كل ما حدث لأهلها، فقد كانت جدتها الكفيل الوحيد لها وكانت تُغدق عليها من الأموال والطعام الجيد، إلي أن حلّ عليهم المحاسب اللعين فأحال حياة لاتاشا لجحيم.
القصة في حد ذاتها مُعبرة جداً وفيها من فلسفة الحياة وحب المال وتجمعية وأهمية الاحتفاظ بأكبر قدر منه، لكن السؤال هنا إن كُنا سنمنع الأموال عن أنفسنا وملذاتنا فلم نحتفظ بها ولمن سنتركها إن كُنّا وحيدين بالأصل!
علي كل فقد تعاملت لاتاشا بشكل يحفظ لجدتها أموالها حتي وإن رحلت، فقد قامت بعمل خزينة يمكنها مرافقة جدتها حتي بعد الموت.
انتهت الحكايات السبع ورحلت كاتبتها تاركة لرافاييل حيرة البحث عن تلك القرية، أهي حقيقية موجودة في الواقع، أم أنها خيالية من وحي كاتبتها التي قالت عنها حفيدتها بأنها تمنت أن تكون كاتبة.
رحلت صاحبة المذكرات لكنّ الحكايات تبقي وتحفظ أثر الراوين جيداً بشكل يجعلهم دائمي الذكر والحضور.
ترجمة جميلة تضعك في داخل الأحداث فلا تشعر بأنك منفصل عنها أو غائب عن جزء أو تفصيلة من أجزائها، وحكايات تجعل الشيطان مُحتاراً بأفعال البشر، الذي يمكن في مواطن الخطر والضعف بأن يصيروا وحوشاً.