"كل مدينة كبيرة بها أخشاب طافية على السطح، ليست إلا حطام الرجال الذين جرفهم إليها تيار اليأس والإحباط، أجسادهم جائعة وأرواحهم ظمأى."
لو طُلب مني أن أرشح كتاباً لبلال فضل يُعبر عنه بشكل جيد؛ لاخترت هذا الكتاب بكل تأكيد؛ فهو يحتوي على كل ما نُحبه في بلال فضل وجعلنا شغوفين بكتاباته الممتعة والساخرة -بدون النقاط على السين وبها أيضاً- المضحكة والحزينة والتي تقتطف من حياته الزاخرة بالمواقف وسعيه لنقل حكايات الناس من حوله بل وإقدامه على مخاطرات قد تكون غشيمة في بعض الأوقات، فقط لأنه يتبع شغفه في فك أسرار الناس وحكاياتهم، فكلاً منا لديه حكاية يحكيها، وأدعي أن تلك الحكاية يُمكن أن تزيد جمالاً عشرات المرات لو حكاها بلال فضل بنفسه.
يتكون كتاب "فندق الرجال المنسيين" من 25 حكاية يمتد أفقهم من مصر ويصل إلى الولايات المتحدة وتركيا وسوريا، حكايات تنبش الماضي وتنقل لنا فترة جديدة من حياة بلال فضل بأمريكا، وهو ما كنت أحب أن أقرأ عنه من خلال "بلال فضل" نفسه، فبين اضطراره إلى الاغتراب وبين الحاجة إلى البدء من جديد والسعي من أجل الكتابة ليتمكن من الوفاء بإلتزاماته القديمة والجديدة، جاءت هذه الحكايات بمثابة فصل جديد من سيرته، لنرى من خلاله غربته بأمريكا من عيونه وسخريته والقدرة الهائلة على نقل مشاعر الشخصيات المختلفة، بل ونقل سيرة حياة بعض المغتربين المصريين بأمريكا بتفاوت كبير يمتد من سائق الأوبر الذي سيُصبح رئيساً لمصر، حتى أم الكباتن التي ساعدته على تجاوز خوفه الكبير من الموت، فأضافات تلك الحكايات حميمية كبيرة تقربنا من الكاتب وأفكاره أكثر وأكثر، ولكنه في نفس الوقت لا ينسى ماضيه فتأتي حكاياته عن مصر وحياته فيها بشجن هائل وحنين أكبر لبلده التي يُحبها ولا يُحب حكامها.
ختاماً..
العمل رقم (14) الذي أقرأه لبلال فضل ومع كل عمل يزداد حبي لكتابات بلال فضل ليحتل بكل تأكيد واحداً من المراكز الأولى لكتابي المفضلين.
حكايات جميلة ومليئة بالشجن والحنين والحميمية والضحك والحزن وأشياء من هذا القبيل وخلافه.
وبكل تأكيد يُنصح بالكتاب.