بعض الناس تكون سريرتهم أنهم أصحاب صفحة بيضاء، لا يظهر علي وجوههم غير ما تحملة قلوبهم، والبعض الآخر يُجيد التلوين نوعاً ما، أن يكتم في داخلة شعوراً لا يصح أن يتعدي ذاته وإلا لقال الناس عنه الكثير ولوُصِفَ بالكُره والغيره من شخص حتي وإن لم يكن يعاديه فإنه بالكاد أيضاً لا يحبه.
لم يكن بين الراوي وهشام توفيق شيئاً سوي زمالة دراسية ورؤية دائماً كان الراوي من خلالها يري هشام في مكانة لا تليق به، فهو ليس إلا مجرد فاشل اختار أن يقضي سنوات طوال داخل الجامعة عن طريق إطالة أمد دراستة خوفاً من الحياة الاجتماعية التي تنتظره بعدها.
الجميل في الراوي أنه كان حقيقياً وصريحاً مع ذاته قبل أن يكون صريحاً مع القراء، الحقد والغيرة دائماً قرينا النجاح وحينما توهب المحبة لفاشل ويتناولة الناس بالحبو والترحاب فإن الآخر حتماً سيشعر بأن كل هذه الأجواء تخصه هو وأن هشام سرقها منه بحكاوية الكاذبة.
لوهلة وقفت أمام إحدي مناقشات الراوي مع نفسه حين قال إنه حتي لو هشام كذّاب ويعرف كيف يأخذ عند الناس مكانة بحسن حديثة، فما الذي يضيرك انت في هذا؟! إنه لم يتعدى فعلياً علي شخصك أو علي حياتك، وربما أنه يداري فعلاً علي فشله بكل هذه الأحاديث الكاذبة، فما الذي يضيرك انت ؟!
النفس البشرية مرعبة ويزيد من توحشها نظرتها للأمور حين تكون مشحونة حتي لو عن جهل أو بخطأ، حينها حتماً ستتورط في شيء يُمكن أن يشبه ما وقع فيه الراوي مع هشام توفيق.
نوفيلا جميلة فيها من الرعب والغموض والحقيقة، ولكن هل فعلاً بإمكان الراوي الخلاص من ظهور هشام توفيق له طوال الوقت، هل ما يُظهِر هشام هو إحساس الراوي بالذنب رغم ما مر من كل تلك السنوات! أم أن الأرواح تعلم حقيقة الأشياء عن انتقالها للعالم الآخر فتعود لتأخذ بثأرها ممن أرسلها إلى الموت، هذا ما سنعرفة في الجزء القادم.