تحمل رواية -نعم رواية وليست مجموعة قصصية- "قرية الخطايا السبع" رائحة ولمسة الفيلم الأكثر من رائع "سبعة/سفن"، مع الاختلاف الواضح للشرير في كلا العملين، ففي الفيلم كان الشرير مجرم يريد تطبيق فلسفة ما، أما في الرواية فكان الشرير، دعنا لا نحرق هذا الجزء ولكنه بكل تأكيد مختلف تماماً عن الفيلم.
الرواية تجسد الخطايا السبع الأكثر شهرة، ولكنها بطريقة أكثر ظلامية وهذه لمسة واضحة من الكاتب البرازيلي المجنون "رافاييل مونتيز"، وكل قصة بداخل هذه القرية تجسد واحدة من الخطايا السبع، وبالطبع ستشعر أنه هناك من يحاول دفع سكان القرية في ذلك الإتجاه، ولكنك، لو دققت في النظر، لوجدت أنه كل شخص بداخل الحكايات قد وضع أمام اختيار واختبار لإنسانيته، وذلك الخيار هو إجابة على السؤال المعروف طبعاً، هل الشر يولد في الإنسان؟ أم هُناك من يوسوس لنا بذلك؟ ومع احتمالية صحة أي إجابة على هذا السؤال، فأعتقد أن اجابته تكمن في قدرة الإنسان على كبح الشرور المولودة بداخله، الشرور الحيوانية الدنيوية، وهو بالطبع ليس بالأمر الهين، بالإضافة بالطبع، إلى الذي يسعد بزيادة الشرور في العالم، ويُحب أن يرى الإنسان يمعن في دمويته وقبحه، فيُهيأ لك الظروف المناسبة ويجعلك تشتهي الشرور وبالتالي، تقع في الخطيئة المحذورة.
وعلى الرغم من أنني شاهدت الفيلم، وفهمت الخطايا وطبيعتها، لكن ما أضافه "مونتيز" لروايته شديد الذكاء، فمن البداية وهو يُمهد لحكايته، مذكرات وصلته، عجوز هربت من قريتها، جهد مبذول في الترجمة، مترجم يرتعد من رؤية المذكرات، كل تلك الإضافات وأكثر كان يُمكنه الاستغناء عنها، ولكنها أضافت لروح العمل الكثير، وتجعلك تشعر أنه حقيقي وحدث فعلاً، ناهيك عن قدرته على تشويقك وجعلك تلتهم الأحداث بلا توقف، وحكى لك حكاية مُقسمة على سبع أجزاء بدون ترتيب معين وستجد نفسك في النهاية واعياً للصورة الكاملة للأحداث، بل وأكثر من ذلك قد اندمجت فيها ولمستك سوداويتها، وجنانها.
ختاماً..
كالعادة مونتيز يكتب بجنون ويجعلك تلتهم سطور كتبه، حكاية عن قرية ملعونة بالدم والقتل والخطايا، وتجسيد لمواجهة الإنسان ضد الشيطان. قرأت لمونتيز أربع أعمال، وبكل تأكيد أصبح من كُتابي المُفضلين الذي سأحرص على قراءة كل أعماله.
بكل تأكيد يُنصح بها.
3.5/5