"لا أستطيع اليوم أن أبكي لكن جسدي يزداد تكوّرًا في الفراش والحفرة التي يحدثها فيه تزداد صغرًا والعالم يزداد تقلصًا ويغدو بحجم تلك الحفرة. (…) منذ أن سمحوا لأهلنا بزيارتنا صرنا نبكي أكثر. نبكي كما كنا نبكي ونحن أطفال عندما أدركنا أن أهلنا سيموتون يومًا ما." - أحلم بزنزانة من الكرز للبنانية سهى بشارة 🇱🇧
قرأت بالأمس مذكرات سهى بشارة، الناشطة الشيوعية اللبنانية التي تم اعتقالها بعد محاولتها اغتيال أنطوان لحد، قائد ميليشيا جيش لبنان الجنوبي الذي ارتمى في أحضان المحتل الإسرائيلي وصار أحد عملاؤه في جنوب لبنان.
قضت بشارة عشرة سنوات في معتقل الخيام في الجنوب اللبناني، منها ست سنوات في حبس انفرادي. شهد هذا المعتقل جرائم ضد الإنسانية تشمل التعذيب والاغتصاب والقتل بأيدي لبنانية وتغطية إسرائيلية أمام تجاهل المجتمع الدولي، حيث تطلعنا بشارة على تواطؤ مندوبي الصليب الأحمر والصحافة الدولية وتزييفهم للحقائق، بل ووصفهم لها بالإرهابية والانتحارية.
الكتاب يتألف من ذكريات قصيرة متصلة منفصلة تؤرخ لظرف إنساني مؤلم، وإن عمدت بشارة إلى تجنب الدراما المفرطة كي لا يفقد النص قيمته التأريخية. تطلعنا بشارة على معجزة الإرادة التي تجعل المعتقلين قادرين على إعلاء قيمة الحياة والحرية حتى في أحلك الظروف وأكثرها إحباطًا، فنرى المعتقلات وقد أبدعن في حياكة منسوجات صغيرة ومسبحات وغيرها من القطع بتطويع ما يجدنه من مخلفات، ونراهن وقد نجحن في صياغة منظومة للتواصل السري والتكافل فيما بينهن، تحت أنف الحرس وزبانية التعذيب.
قامت إسرائيل بتدمير المعتقل عام ٢٠٠٦ لإزالة أي أثر لهذا الفصل الجبان من تاريخها، ولكن بطبيعة الحال، لم تنجح في إسكات شهادات المعتقلين والمعتقلات.
#Camel_bookreviews