❤️ الموضوع : مراجعة عمل روائي
🧡 العمل : حبة بازلاء تنبت في كفي
💚 الكاتبة : د.دعاء إبراهيم
💙 الناشر : دار العين للنشر والتوزيع
🖤 الصفحات : 176 أبجد
🧡 سنة النشر : 2023
❤️ التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐
🌻 بعد أن انتهيت من تلك التحفة الممتعة ، وقفت أمامها مشدوهاً ، ولأول مرة مكتوف الأيادي متوقفاً عن التفكير ، غير قادر على صياغة جملة واحدة تعبر عنها ، فكيف لي وبصدق أن أكتب مراجعة . . ؟ لا . . وأن تكون مميزة أيضاً..!!
🌻 أولىٰ قراءاتي للكاتبة - وللأسف - لا أعلم أين كان هذا القلم المبدع ، من مكتبتي وقراءاتي..؟
أين كانت هذه الفلسفة الواعية العميقة..؟
أين كانت هذه الواصفة البارعة ، التي جعلتني أعاين الأمر كمن يشاهد بعينيه تماما..؟
أين كان هذا المزج بين الواقع والخيال ، والجمع بين الماضي والحال …؟
أين كان هذا القلم الذي أثار حفيظتي ، وألهب شغفي ، وأمتع بصري ، وأقنع خيالي ، وأسكر حالي.
🌻 حبة بازلاء تنبت في كفي .. رواية جامعة مانعة ، فيها رأيت الصدق والكذب ، النشاط والفتور ، الهمة والركود ، القوة والضعف ، الجمال والقبح ، الرقة والصلابة ، النعومة والخشونة ، وجميع الأضداد ، وكثير وكثير .. وهي وحيث جمعت بين ذلك كله منعت أيضاً دخول الملل والسذاجة والتكرار والجمود والبرود وكثير من المعاني المخلة بالعمل .. منعاً فاق تخيلي.
🌻 دولاب سحري يدخله طببب مكلوم ، على خلفية حكايات أمه له …🔻🔻🔻
❞ المشكلة بدأت حين صدَّقتُ أمي، أخبرتني أن طفلًا أراد أن يخدع زملاءه فاختبأ منهم داخل دولاب ملابسه، فتَّشوا عنه في أماكنه المعتادة فلم يجدوه؛ ولأنهم كانوا يسكنون قرية فضوليَّة صغيرة سَرْعانَ ما أصبح التفتيش محمومًا متواصلًا وحين طالت المدة نسوا عمَّن كانوا يبحثون؟ وعلى الرغم من مجهوداتهم التي لم تتوقف لحظةً واحدة. لم تَكُن النهاية سعيدة. لم يتوقفوا عن البحث. ولم يجدوا الصبي. رُبَّما لأن أحدًا لم يفكر في الدولاب الخشبي القديم، أو لأن الدولاب ابتلعه. ❝
🌻 فيرى فيه السحر ويستمع لحكايات أمه في الهدوء والظلام بعيداً عن الضوضاء والصخب الخارجي ليكون تسعة عشر حكاية يتناقش فيها عن الوعي والسلام ، والحب والظلام ، والألم والهيام ، عن الماضي عن الآن ، عن الفرحة عن الأحزان عن .. وعن .. وعن .
🌻 حيث يبدأ عن أمه ونشأتها واختلافها عن مثيلاتها ، بجمالها ولونها المخالف لذويها _الزهرة بينهم_ كيف هي… كيف ولدت …كيف نشأت..؟ كيف تربت وترعرعت… كيف تزوجت..؟
🌻عن الحقد الذي ظهر على الجميع تجاهها خاصة أختها القبيحة _خالته الساحرة_ذات الأنف الكبيرة .. تنسج الحكاية بخيط الماضي ثم تجره حتى يصل لقلبك ولروحك ولذكرياتك لماضيك وحاضرك .. أو هي حين تأخذك إلى عالم السحر والشر المتمثل بداية في خالته المخيفة ، عن حقدها وشرها ولعنتها وصورتها وحتى موتها الذي لم يكن نهاية لها بالنسبة له ، بل كان العكس.
🌻 في الدولاب ترى التمرد والغطرسة وادعاء المعرفة لكل شيء ، والعلم بكل شيء ، والتوغل في دواخل كل شيء ، الأسرار والأستار ، والأعمال والأحوال .. النقمة على الأبناء واحساس التسلط عليهم وكبتهم وتدميرهم داخلياً ، المعرفة بكل شيء إلا الأبناء ، مساعدة الجميع إلا ذويك ، اللاطفة والبشاشة والسلام لكل الأرض دون أهلك ..مفارقات عجيبة ، وواقعية صعبة !
🌻 في الدولاب أوجاع وآلام ، وفيه أيضاً آمال وأحلام ، وفيه أيضاً حب ، زاد راء صار حرب ، فيه ألم الفقد ، وفقد القرابة ، وقرب الموت ، وموت الأمان ، وأمان أم ، وأم تُخان ، وخيانة الأب ، والأب المتسلط ، وتسلط الخالة ، وخالة مجرمة ، وإجرام وحش .. دائرة من السوء إلى الأسوء ، من الشر البسيط إلى المستطير ، صورها الدولاب لمن لاذ به من سوء الحياة .
🌻 في الدولاب شجن ، ومزج رهيب ، قوة وربط عجيب ، جمال وخيال غريب ، قلم واعٍ بفكر أديب ، كل ذلك يُظهر أماكن وأشخاص وأبطال تلك الحكايات الأسطورية ، في رسمة مشعة ، على لوحة زيتية ، إن دققت النظر فيها جيداً رأيت أرض الواقع هنا ، بريشة فنان متمكن ، بأسلوب الإبداع ، بروعة الإمتاع ، بكمال الإشباع ، بقلم وعين من عايش الحكاية ، وغاص في أعماق الرواية .
🌻 نبرة الصدق والحقيقة والواقعية التى رسمتها الكاتبة في خضم وصفها ورسمها لحياة الطبيب ، ومعاناته منذ دخوله كلية الطب ، مروراً بما لا يتحمله العقل أثناء الدراسة ، والمطحنة التى لابد أن يخرج منها على أفضل حال ، ليرفع ذكره ويجمع المال ، شعوره بالألم والتعب والقهر والمرض والخذلان والضعف و .. و ...كل ذلك جعل القارئ يعيش مكانه ويشعر به .. براعة متناهية .
🌻 في الدولاب وصفت الأشياء والأماكن وكل شيء بطريقة مميزة ، بوحي فلسفي لغوي بديع ، كذلك مشهد وصف قتل الأم لإبنها وموت الطفل السيد … الذين تم سردهما بطريقة تدمي القلب وتدمع العين .
🌻والعجيب ...!! هنا فلقد جعلتني الكلمات والجمل والعبارات أعيش شخصية البطل أو الراوي ، أتألم لها ، أبكي كما يبكي ، أهرب من الدنيا كما يهرب ، أغيب كما يغيب ، أحضر حين يحضر ، عايشته تماماً..
والأعجب .. !! من ذلك كله في النهاية ، حين تجد أن القلم هنا قلم أنثوي ، كيف ذلك..؟ كيف توغل في شخصية الرجل بهذه الطريقة..؟ كيف أوصل إلينا هذا الإنطباع الرهيب عن حياته ..؟ رغم كونه قلماً أنثوياً .
🌹 اللغة والسرد والحوار🌹
بكل قوة واقتدار طوعت الكاتبة اللغة العربية الفصيحة ، بطريقة ساحرة ، كما دولاب الراوي .. تجلت فيها بالفصاحة والبيان ، والدقة والرقة ، والسلاسة والسلامة ، والعذوبة بأعجوبة ، أرسلت للقارئ مع كل حرف معنى ، وكل كلمه معنى ، وكل عبارة معنى ، ثم جمعت كل تلك المعاني في الماضي ، وأخذت بها إلى الحال بلا كلل ولا خلل ولا ملل ، وبلا تفكك بل بأسلوب بديع أضفى عليها رونقاً خاصاً ، وعالماً سحرياً ممتعاً سرداً متدفقاً فياضاً .
🌹الغلاف🌹
جاء الغلاف غاية في الروعة والجمال والإبداع ، تصميم شيك وجذاب ، يلفت النظر ويعبر عن المضمون .
🌹تجربتي مع الحكايات الشعبية 🌹
أما عن تجربتي الشخصية مع الحكايات الشعبية فإنني ولله الحمد ذو نشأة صعيدية بحتة ، نشأت على حكايات أخرى فأمهات الصعيد لا يعرفن السندريلا ولا الأميرة ولا الوحش ، لكن يعرفون سيرة أبو زيد الهلالي ، وأمنا الغولة ، وسيرة الشيخ عثمان .. وعلى ذلك فأنا حقاً لم أسمع ولم أقرأ من قبل حكايات شعبية كأمثال المذكورة ، ولذلك كانت تجربة حبة بازلاء تنبت في كفي .. تجربة خاصة ، ومميزة وفريدة جداً وأرجو ألا يخرجني ذلك من مضمار السباق ولكم جزيل الشكر وجليل السلام .