ـ نوارة نجم مدونة مصرية شهيرة ومؤثرة قبل الثورة وبعدها، وانطباعي عن كتابات نوارة نجم أنها ضعيفة أسلوبياً ومهلهلة، فهي لا تجيد الكتابة بالعربية، وقد جاءتها شهرتها من تميزها في الكتابة العامية وجرأتها وصداميتها، وأيضاً لأن والدها وأمها نجمين في عالم الثقافة المصرية بل والعربية، ثم دورها في الثورة المصرية.
ـ يتميز هذا الكتاب بأنه يقدم حقائق جديدة عن نجم وهي حقائق أصيلة وصادقة لأن من ترويها هي ابنته المحبة له والعاشقة لفنه، غير أن هذا الحب لا يحول دون تدوين بعض سلبياته وسرد بعض أسراره التي لعلها لم تخطر ببال أحد من محبيه!
ـ هذا الكتاب هو سيرة ابنة عن أبيها، ويصلح أيضاً لأن يكون سيرة ابنة مع أمها، وكأن نوارة بما كتبته عن أمها في هذا الكتاب تعفي نفسها مما سيطالبها به قراؤها وهو الكتابة عن أمها بعد وفاتها.
ـ أعرف أسلوب نوارة نجم جيداً، وأكاد أجزم أن بعض فصول كتابها أعيدت كتابته من قبل أصدقاء أو محبين لها، بل إن بعض ما ورد فيه يذكرنا ليس بأسلوب إبراهيم عيسى، وأسلوب بلال فضل، بل بأفكارهما أيضاً.
ـ في هذا الكتاب يبدو جيداً أن نوارة انحازت إلى أفكار أبيها، وأهالت تراباً شفيفاً على أفكار أمها، والقارئ لا يخطئ حين يجد من بين ثنايا النصوص إدانة صريحة لأمها.
ـ في سيرة نوارة نجم شيء من أمها وشيء من أبيها، وهي لا تلبث أن تراوح بينهما، فقبل الثورة كانت أقرب إلى أمها فكرياً وبعد الثورة تبنت فكر أبيها، والآن مع هذا الكتاب يتضح جداً أنها لزمت جادة أمها، ولست هنا أقصد الأفكار بل طريقة طرحها، وطريقة التعامل مع العوامل السياسية المحيطة.
ـ في علاقة نوارة نجم مع الإسلاميين ثمة تحيز واضح منها، وأنا هنا لا أعفي الإسلاميين من استعدائها، وأغلب هؤلاء لا يعرفونها بل حتى لا يعرفون أمها وأباها لأنهم من غير المثقفين، وربما لو علموا لخففوا من غلواء هجومهم الذي أراه أحياناً مبرراً لأن نوارة إذا شتمت فبالأم وبألفاظ لا يمكن لها أن تنشرها في كتابها هذا من شدة بذاءتها وتدنيها.
ـ الفصل الذي يتناول علاقة نجم بأمه من أمتع فصول الكتاب وأكثرها إنسانية وصدقاً.
ـ تتناول نوارة أحداث وفاة أبيها ثم وفاة شقيقتيها ببرود، رغم أنها كانت شديدة الجزع على فقد أحبابها من قبل، وفي اعتقادي أنها تعيش حالة اكتئاب ومن ثم فهي تتعامل مع الموت باعتباره حدثاً ليس بذلك السوء، هكذا ينظر المكتئبون إلى الموت بلا مبالاة وأحياناً يغبطون الموتى.
ـ تزعم نواره أن أباها كان يغار من أزواج بناته إلى درجة ترحيبه بانفصالهن عنهم، وهي في ذلك إما غير دقيقة أو تزعمه لغرض إخفاء شيء آخر، أما هذا الآخر فهو الذي أزعمه وهو أن نجم كان قلقاً على عنوسة نواره، وسبق وأن صرح في أحد اللقاءات الإعلامية أن لا راحة له إلا بزواج نواره، وحينذاك سيموت وهو مستريح، ويمكن لنا أن نرجع إلى صور حضوره لزفاف ابنته لنقرأ علامات الانبساط التي كانت تظهر على وجهه، أما زواج ابنته زينب فقد ظهر معها قبل زواجها في أحد اللقاءات الإعلامية، وحين عابثه المذيع ممتدحاً جمال ابنته، سأله نجم إن كان يجد لها عريساً.
ـ يبدو أن بلال فضل قرأ كتاب نواره قبل أن تنشره لأنه أورد بعض فقراته في إحدى حلقاته لكن دون أن يشير إلى المصدر سواء أكان الكتاب أم نوارة!
ـ على غير المتوقع نوارة تشير عرضياً إلى أن أباها كان يتعاطى الحشيش! وهو أمر كان ينكره نجم حين يسأل عنه! وإن كان يفهم من أجوبته أنه كان يتعاطاه من قبل، لكن قد يكون نجم قال ذلك حتى يجنب نفسه المساءلة القانونية.
ـ تكتب نوارة الشعر العامي لكني لا أستطيع الحكم على مستوى شعرها لأني لا أتذوق الشعر العامي، لكن نثرها بالعامية بليغ ومعبر جداً ولا سيما في الحوار حتى لكأنك تشاهد المتحدثين وهما يتحاوران من دقة تصويره، إنها تصلح لكتابة بعض المشاهد التمثيلية.
ـ يبدو أن هذا الكتاب كُتب على مراحل زمنية متفرقة، وفي ظروف نفسية متقلبة، ومن ذلك أنها تورد أسماء أعلام ولا تترحم عليهم كوائل الإبراشي في الوقت الذي تترحم فيه على غيره في ذات الصفحة التي مر فيها ذكره!
ـ الكتاب يصف علاقة نوارة بأبيها، لكن استكثار نوارة من شعر أبيها لعل القصد منه زيادة عدد صفحات الكتاب، هذا ما أراه، واعتدت عليه من بعض الكتاب، حين ينفد قولهم ويبقى في الورق شيء!
ـ هذا الكتاب جدير بالقراءة ففيه من الجديد الذي لم ينشر عن الشاعر أحمد نجم شيء كثير، وفيه مما لم ينشر عن نوارة نجم شيء عجيب، وفيه مما لم ينشر عن أمها شيء يثير الإعجاب، نعم أنا منحاز إلى أمها وأحب ثباتها وعدم تقلبها وإن اختلفت معها مقارنة بابنتها وزوجها السابق المتقلبين نفسياً وسياسياً، وأعرف أن استطرادي هذا في غير محله، لكنه هو شعور اختلج في نفسي لم أقدر على كتمانه.
ـ الهجوم الذي تعرضت له نوارة نجم مسف وساقط لكن يجب عليها أن تتذكر أن بعض ما تكتبه لا يقول سوءاً عما يكتبونه.
ـ نوارة نجم في هذا الكتاب متقلبة نفسياً وتعاني من الكآبة والحزن لفشل الثورة، ولديها أزمة روحية عميقة أسأل الله أن يفرج عنها، ويهديها، وينفِّس عنها ما تجده من أحقاد على من اختلف معها أو قسا عليها.