انتهت القراءة الثانية لهذة الرواية الرائعة 🥹❤️
كأني اقرأها للمرة الأولى رغم تذكري لبعض أحداثها وأجمل الاقتباسات فيها إلا أني كنت أقرأها منقطعة الأنفاس كأنها المرة الأولى..
الرواية تتحدث عن بني إسرائيل من وقت الخروج من مصر هرباً من بطش الفرعون مع نبيّ الله موسى عليه السلام.. مروراً بالشتات والتيه في الصحراء حتى رحلة دخولهم الأرض المقدسة والتى وددت لو كان هناك ولو نبذة عن دخولهم الفعلي للأرض المقدسة وماذا حدث لهم..
الرواية مزيج بين أحداث تاريخية فعلية وأحداث دينية نعرفها نحن من القرآن مع حبكة درامية جميلة وبالقدر الكافي حتى لا يصبح الأمر مبتذلاً ..
نبدأ مع شخصية (زخاري) النجار من سبط راؤبين.. زخاري كان مثال للمؤمن المُسَلم أمره لله متبعاً أوامره ومبتعداً عن نواهيه وسط مجموعة من العصاة أو المجادلين.. يحيا على أمل أن يمن الله عليه بدخول الأرض المقدسة كما وعد الله بني إسرائيل .. يمكن كانت شخصيته أقرب للمؤمن المتشدد قليلاً خوفاً من المعصية حتى أنه اعتزل أي فرح وأجله حتى دخول الأرض المقدسة.. و نأى بنفسه عن قومه حينما رأى ضلالهم وقت أن اعتزلهم سيدنا موسى أربعين يوماً فضَلُّوا من بعده..
زخارى كان الرجل المؤمن الخاشع الآمل في عفو الله و الخائف من غضب ربه على قومه حتى أنه يأس منهم ومن هدايتهم وكان بقاؤه الوحيد لأن النبي بين أظهرهم.. (أحببت رسم هذة الشخصية جدا).
" ـ هون عليك يا أبي، فسينجز الله وعده لك وللصالحين من بني إسرائيل!
ابتسم في مرارة وقال:
ـ بل أخشى أن يعاقبنا الرب جميعًا بأفعال تلك الجماعة الشريرة! ❝
أما شمعون ❤️ ياربي الشخصية دي رهيبة 👌
فصول الرواية أصلا على لسان شمعون تنتقل به من حال إلى حال من الطفولة إلى الشباب إلى الرجولة ثم الكهولة في آخر الأمر ولكن يا لها من رحلة!
كان شمعون الطفل والمراهق منبهراً بالنبي ومعجزاته ولكن مع مرور الوقت ومجادلة قومه للنبي كانت تنمو بداخله تساؤلات تثيرها تصرفات قومه ورد النبي والري عليهم..
هل بني إسرائيل محقين في جدالهم لكل ما أمروا به تقريبا ؟
هل كتب عليهم الخروج والشتات في الصحراء ؟أما آن لهم ام يرتاحوا بعد ما عانوه من بطش الظالمين؟
لماذا كل هذة التكاليف ولماذا كل هذة الروادع والعقوبات ؟
وكثير من الأسئلة مثل هذة.. كان شمعون الطفل مثال للمؤمن المتشكك في أمر دينه الذي يتحسس الطريق في كل اتجاه حتى يجد اليقين والإيمان. إلى أن قاده قدره لتيه شخصي بعيدًا عن أمه وأهله وقومه.. تيه مثل تيه بنى إسرائيل لأنه اختار الاحتيال على أمر من أوامر الله كما فعل زُمرة من قومه.. كان مهووساً بتحقيق حلم أبيه. ولم يدرك أن حلم أبيه كان أن يشُب هو على طاعة الله حتى ينال ما لم يناله غيره من قومه من رضا الله.
شمعون المراهق والشاب الذي وجد بصحبة الشيخ (عابر) العربي المكيّ ما فيه إجابة شافية لمعظم تساؤلاته.. كان الشيخ عابر بمثابة الجد والأب والمعلم والمرشد لشمعون في سنوات تخبطه.. كان رحيماً به واثقاً بقدراته وبقلبه النقى وبفطرته السليمة وظل معه حتى شب شمعون رجلاً واثقاً.. رجلاً وجد إجابة لكثير من أسئلته.. رجلاً غادر قلبه الشك والتخبط وسكن فيه اليقين و الإيمان.
أحببت الشيخ (عابر) وابنه الشيخ (نابت) من كل قلبي ❤️ كانا بمثابة صوت الحكمة والعقل والقلب المؤمن.
"وفي تلك الليلة، أدركت أن الشيخ (عابر) قد عبر بي من منازل التيه التي مررت بها في الأشهر السابقة إلى منزلة من اليقين ما كنت لأصل إليها دونه."
ثم تحدث أحداث كثيرة كان من أجمل نتاجها صداقة شمعون وعمرو وليث أحفاد الشيخ (عابر).. صداقة بدأت في سن الشباب ومرت بالكثير من المِحَن والتخبطات حتى صارت علاقة قوية تحولت لأخوة وأصبحوا كالعائلة أقرب منهم للأصدقاء. عائلة وعشيرة تحتويه كان يتمناها شمعون لنفسه .
أكثر ما آلمني في الرواية هو معاناة سيدنا موسى مع قومه.. سبحان الله كم المعاناة وكم المناجاة التى كان يقوم بها لأجل قومه لأجل هدايتهم ولأجل تعليمهم وتأديبهم.. وكان المقابل الجحود والعصيان!
كان نبي من الله بينهم والمعجزات تجرى علي يديه لأجلهم ولأجل راحتهم بشكل يومي ولكن مع ذلك كانوا دائمي الجدال.. دائمي الكِبر والجحود!
عقلي مش مستوعب إن شخص ربنا مَنْ عليه و نجّاه من مصائب كثيرة وأنعم عليه بمعجزات وأنعم عليه بصحبة نبى من أنبياءِه وهوا بعد ما اختار الإيمان يختار الجحود والمجادلة وأحيانا الشرك!
ومع ذلك سيدنا موسى كان يستغفر لهم خشية عليهم من العقاب حتى يغفر الله لهم.. ثم يعودوا!
بني اسرائيل لم يقدروا أن يحملوا الأمانة.. أمانة حرية الاختيار التي فضّلهم الله بها وسائر بني آدم.
يا الله كم المعاناة التى رأها سيدنا موسى عليه السلام والله تفطر القلب..
بكيت موته عليه السلام كأني كنت موجودة معهم.
نرجع لشمعون.. الرجل والزوج والأب والصديق.. عملته السنين والتجارب وشحذت شخصيته حتى شب رجلاً قوياً مثل أبيه مؤمناً مسلماً أمره كله لله ولكنه فعل ما لم يفعله أبوه واختار النجاة بنفسه وأهل بيته من بطش قومه حتى وإن كان يعنى ذلك مفارقة صحبة نبي الله.. ولكنه آمن وعلم أن الله وتعاليمه في قلوب المؤمنين أينما ارتحلوا.
الرواية ذكرت معجزات سيدنا موسى عليه السلام على قومه مثل حادثة البقرة والسحابة التي تظل القوم وترتحل معهم أينما ارتحلوا والمن والسلوى.. وتناولت أيضا العواقب التى عاقب الله بها العصاة من بنى إسرائيل.. والحكم عليهم بالتيه والشتات.. كل هذا بشكل درامي جميل ومتداخل مع حياة شمعون وأهله.
أعتقد لو فضلت أكتب أكتر من كدة هاحلل الرواية فصل فصل 😅 بس حقيقي رواية جميلة مليئة بالعِبر والمواعظ.. وفيها معلومات كثيرة عن بنى إسرائيل وعن مكة في فترة معينة من التاريخ .. لا أعرف التزامن بين الأحداث في مكة ومع قوم سيدنا موسى كانت فعلا في نفس الوقت ولا ده تقريب من الكاتب لتحقيق العبرة والعظة!
ولكن على أي حال استمتعت بها جدا جدا وأثرت فيا جدا وحبيتها أكتر وأرشحها وبشدة للآخرين لأن أكيد هاتلاقي فيها استفادة ولو بشيء واحد.
هانهي المراجعة بنفس نهاية الرواية.. وأنا لا أكف عن التساؤل (أيمكن انه كان هناك من بين بني إسرائيل شخص مثل زخارى وابنه شمعون؟) 🤍
❞ «وبعد، فهذا ختام ما كتبه (شمعون بن زخاري)، والملقب بـ(شمعون المصري)، عن أخبار بني إسرائيل في أرض «سين»، وما كان من أمرهم منذ عبور البحر وحتى وفاة نبي الله (موسى بن عمران) وأعلم أني ما كتبت في هذا الرقاع إلا أحد أمرين؛ أمرٍ شهدته بعيني أو أمرٍ سمعته من رجل من الرجال الثقات، وأشهد الرب (إيل) أني ما بغيت بهذا الكتاب مجدًا ولا شرفًا، وإنما إظهار شهادتي على جيل من شعب بني إسرائيل، اصطفاه الله وأنجاه بمعجزة من عدوه، ثم غضب عليه وأهلكه في تلك البرية القفراء بعد أن أذاقه شقاء الارتحال ومرارة التيه.. هذا كتاب لا أدري من سيكون قارئه، فأيًّا من تكون أرجو أن تتذكر كاتب هذه الأبواب بالرحمة وأن تدعو له بالغفران». ❝✨