منذ خُلق آدم وأول ما وُجد إلي جوارة هي حواء، ولكن حواء هنا ترمز للأنثي، التي من الوارد أن يكون اسمها ليلي أو وردة أو عزيزة، كُل الإناث سواء في تفاصيل مُحددة، لكن لكل أُنثي جوهر وسمت مُختلف يُميزها عن شقيقاتها ويضعها في خانة الإبهار والتفرد في عيون الرائي، بعيداً عن الأُخريات.
هذا من المعلوم والشائع، لكن الكارثة حقاً ليست في ميول غريزة الرجل التي تجعله يهوي الكثير من الإناث ويُعجب بهم، ولا بأن يؤخذ بجمال هذه الفاتن ولون عينيها ورسمة تفاصيل جسدها وسحر ملامحها، ولكنه مَيَلانُ القلب، فكرة أن يكون العبور دائماً للأنثي علي جسر الحب هو الطريقة الوحيدة للقُرب منها والحصول عليها.
تُري كم من المرات يُمكن أن يُحب المرأ ويهوي ؟!.
لم تكن حكاية آدم تخصه وحده، ذكاء كبير من المؤلف أن يختار إسماً عاماً يتمثل به كل مُذكر، وإن كان بدأ الخلق كان مع آدم وأول قصة في الحياة كانت بينه وبين أُنثاه فإن جُزءاً كبيراً من شقاء ذُريتة كُتب عليه أن يتبعه في الدوران حول نفس القصه.
حتي وإن اختلفت المُسميات وتغيرت الأسماء وتقلبت الأزمنة، تبقي قصص الحب قائمة ومشاعرها حاضرة حيّة بما خُلق من ميل فطري وجد في صدور الرجال ناحية الإناث.
وليست الأزمة هنا في طبيعة العلاقة أكانت شاعرية أم جنسية! ولكنه في تسلسل فكرة الحب التي لا تقف عند حدود مُعينه وتستمر ببقاء الإنسان وحضور قلبه، فما دام الإنسان حياً سيُحِب وسيبحث عن الحب.
أُوعز ضعف آدم في بداية الرواية وميلة إلي النساء وبحثه عن الحب إلي غياب أمه التي فُقدت في ولادته، وأُشير بعد البدء بقليل وفي مُنحني المُنتصف أنها لعنه، وأن الشيطان يتلبس المرأ مهما حاول الاستقامة والعدول، ويجعله يتقفي أثر أُنثاه التالية.
كانت لقاءات آدم بالحب في البداية مصادفات قادة القدر لها وجع من هيئتها ظروفاً مُناسبة لوجود قصة حب حتي وإن لم تستمر، لكن الذي يستحق التأمل هو معاناتة في كل تلك القصص وإنغماسة في كل واحدة منها كأنها حبه الأوحد والأخير.
متاهة مقيتة ذات حيّز أصغر من متاهات الدنيا لكنها لذيذة تُهون كل شيء وتُضيف للحياة معني وجمال مختلف، يمكن لأنها بالفعل أصل الحياة.
وإن كان ما ذُكر بالرواية هي قصة حياة الرجل، أي رجل، فإن المهم والمُركز فيها هو أبعاد الحكاية وتسلسلها الزمني والقدري الذي جعل كل الأوقات مناسبة للوقوع في الحب، حب الطفولة والمراهقة والشباب، حب التعقل الذي يجب أن يكلل بالزواج صاحب الظروف المناسبة، وحب الجنون والطيش الجامح الذي يعقب كبوة النفس وإجبارها علي ما لم تعتد علية.
كل المواقف الصعبة خرج منها آدم بالحب، ولكنه ابتُلي فيها بنفس الشيء، وكأن المرأ يمكن أن يجتمع فيه الضدان من الهلكة والنجاة بسبب نفس الشعور ! حالة صعبه من العذاب لا تنتهي بالاستقرار أو الهدوء، وضع مؤسف من الحرب المستمرة بينك وبين ذاتك، لن ينتهي إلا بالموت.
يُحسب للكاتب لغتة وسرديتة المناسبة جداً، وتعبيرة الفلسفي عن الموضوع المُتناول وطريقة الحكاية المُثيرة رغم شيوع المواقف، وعرض حكاية الرجل أو الإنسان باختصار في تسلسل زمني مُخلف بالحب ومُحاط بالأُنثي منذ الطفولة وحتي الموت.
رسم شخصية آدم باضطراباتها وفلسفتها العبثية كان رائعاً، واقعياً وحقيقياً ويُسقَطُ علي الكثير من الرجال إن لم يكن أغلبهم.
مأخذي الوحيد علي هذه الرواية هو طول الإسم الذي يمكن استبداله بآخر، والعنوان الفرعي الذي يُمكن أن يُجنب بالأساس، بحيث يمكن الاكتفاء بـ ( شجرة الحب المحرمة ) أو ( آدم وشجرة الحب المحرمة ).
مات آدم بالنهاية حائراً بعد الكثير من الفقد، ولم يدرك حتي منالهُ من الحب، وكأن الأقدار تستكثر علي رجل مسكين أن ينعم بما يريد في كنف امرأة تبقي إلي جوارة، يحبها ويهواها ويختارها وتُعجبه كل تفاصيلها، فيقضي حياتة يبحث عنها بلا طائل حتي يهلك.
آدم ليس مريضاً ولا ملعوناً ولا مُتلبساً بأحد شياطين العشق، هو فقط إنسان ورجل.
اقتباسات :-
❞ لم تكن الحياة، بالنسبة لي، سوى لغز ناقص، يدفعني دفعًا دون إرادة مني للبحث عن حله وإكماله. ❝
❞ "لتنجو من أولاد الكلب عليك أن تكون ابن كلب مثلهم، ❝
❞ "كيف لك أن تخدع أحدهم بهيئة ليحبك ثم تكون على هيئة أخرى مغايرة؟". ❝
❞ ألا ما أغرب أن أكون قد بُعثت إلى الحياة، باحثًا عن الحب بها، بينما لم يكن متواجدًا إلا في اللحظة التي سبقت انبعاثي إليها! ألا ما أسخف تحابيك الحب! ❝
❞ أنى لي سبيل إلى الحب مجددًا بروح هامدة لا حياة فيها؟
وتساءلت في نفسي: لماذا أعي، ولماذا أدرك كل ذلك، ولماذا لم ينبت لي الله قلبًا كاملًا، لا يحتاج لآخر ليكمله؟ ❝
❞ فمن بين كل شقاءات الدنيا لا يوجد بها ما يعادل هكذا شقاء، فإذا ما سألت المعدة الطعام أكلت، وإذا ما سأل الفم الماء شرب، وإذا ما سأل الجسد وجهة أو هدفًا تحرك نحوه، أما إذا ما سأل القلب حبًا فليس له جواب إلا مكابدة العذاب والشقاء.❝
#مسابقة_قراءات_قبل_المطبعة.
#دار_الرسم_بالكلمات.