◾اسم الرواية : فيلا القاضي
◾اسم الكاتب : عمرو دنقل
◾نوع الرواية : دراما اجتماعية بملامح سياسية
◾اصدار عن دار اشراقة للنشر و التوزيع
◾عدد الصفحات : ٢٥٠ صفحة على أبجد
◾التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐
ما الرابط الذي يمكن أن يربط بين فيلا القاضي بأصحابها المرموقين ومنزل الإيواء بساكنيه المعدمين؟!
هل سألت نفسك يوماً كيف للارهابـي أن يصبح إرهابـياً؟!
(سامية المهدي) سيدة المجتمع الأنيقة، ومحط نظرات الحسد من الكثيرات،وكيف لا؟! وهي زوجة الباشا وأم أولاده وقاطنة فيلا القاضي وسيدتها الأولى، (سامية) المفكرة و الكاتبة والأديبة امام العالم أجمع، نالت كل ما يتمناه المرء او لنقُل هكذا يظهر امام الجميع، ولكن الأمور ليست كما تبدو عادةً.
تعيش (سامية) حالة غريبة من كونها مصدر حسد الكثيرات ولكنها مصدر شفقة امام نفسها، بداية من زواج الأبناء وسفرهم الي إهمال الزوج ونزواته التي لا تنتهي، حالة فتور وبؤس غريبة تحيط بها من كل اتجاه ولم تجد سلوانها إلا في رفقة الكتب التي تقرأها ولا تجيد كتابة مثلا وحضور الصالونات الأدبية برفقة خادمتها أو وصيفتها -كما تسميها- (مديحة الوراق).
اما (مديحة الوراق) فقد كانت الشخص الصحيح في المكان الخطأ، حباها الله الجمال والفطنة والذكاء لتخونها البيئة التي نشأت فيها بداية من أبٍ قاسٍ الي وفاة الأم والداعم الأول، مروراً بزوجة أب استكثرت عليها التعليم نهاية بمرض طفلتها وضعف حيلتها في ظل زوج غير مرغوب وغامض ظنته نعمة والقشَّة التي ستتعلق بها من غرق الحياة، ليصبح نقمة عليها وحملاً فوق أحمالها، فلم تجد عوناً سوى فيلا القاضي وسيدتها.
أبرمت السيدتان مع بعضهما عهداً غير مكتوب، تبادل منفعة ربما، أو مقابل خدمات، ولكن الحياة عادة تأتي بما لا تشتهيه السفن، من أزواج كل ما فكروا فيه هو أنفسهم، عقول تلاعبت بها السلطة وحب المال، وأخرى لُعِب عليها باسم الدين والجهاد،
فما الذي سيُقرِّب بين فيلا القاضي ومنزل الإيواء؟! والي من ستُحسم نتيجة هذه المعركة الأبدية بين السلطة والمال والدين؟!
◾رأيي الشخصي :
منذ قراءتي للعمل الأول للكاتب (نادي الأربعين) أصبحت واثقة من قلم الكاتب وأفكاره، أيقنت أنني امام قلم لا يكتب لمجرد الكتابة ولكنه يكتب لطرح فكرة وعرض قضية هامة، وعندما شرعت في كتابة رواية (فيلا القاضي) لم أستطع استشفاف ما يمكن أن تحويه الرواية من فكرة، خاصة مع العنوان الذي لا يدل على شيء والغلاف الذي لم أفهمه قبل قراءة العمل، ولكن بدأت القراءة وانا على ثقة بوجود الاختلاف، ولم يخيِّب العمل ظنِّي، إذ ان الكاتب بدأ تدريجياً مع القاريء خلال الفصول الأولى، فتحدَّث عن الوجه الآخر لرجال السلطة وما يدور خلف الأستار، عرض نماذجاً لما يمكن أن يضحي به الشخص من أجل الوصول لغايته، ومن ناحية أخرى صوَّر ضعف الإنسان أمام رغباته وملذَّاته الخاصة، الصورة النمطية لرجال الأعمال امام الناس ولكن ما خفي كان أعظم، الكاتب أيضاً لم يُعمِّم الصفات السيئة لفئة بعينها، ولكنه كما وضع نموذجاً سيئاً وضع نموذج آخر جيداً، مؤكداً ان في كل شيء يكمل الجيد والسيء ولا يجوز تعميم صفة بعينها على فئة واحدة..... كما سلَّط الكاتب الضوء على السرقات الأدبية ونسبة الفضل لغير أهله موضحاً كيف يجبر الفقر صاحبه على التنازل وكيف يوفر المال لصاحبه النفوذ التي تجعله يبيع ويشتري في الأرواح وكأنه إلـٰه!!
وفي النصف الثاني من العمل عرض الكاتب على استحياء مشكلة الثأر وكيف تحيل حياة الإنسان جحيماً، ليبدأ بعد ذلك ظهور الدين والتيارات الإسلامية في الصورة وأصبح المثلث مكتملاً، واضلاعه هي الدين والسلطة والمال، فتحدَّث الكاتب عن الإرهـاب، وكيف يمكن لفراغ العقل وتصديق كل شخص الي تحويل الإنسان لإرهـابـي، خاصة لو كان الشخص الآخر يلعب على هذا الهدف من الأساس، لقد وضَّح الكاتب كيف تقوم بعض الجماعات بغسل عقول الشباب مستغلين جهلهم وضعف إيمانهم، ومن ناحية أخرى وضع نموذجاً لمن يبدأ باعمال عقله ويقول لهم (لا)، لقد أخذني الكاتب لعالَم شائك كنت أعلم بوجوده ولكن لم أكن أدرك قوة نفوذه، لقد وضع الكاتب الخير والشر في مفارقة عجيبة في مشهد النهاية وكيف قوبل الإحسان بالغدر، والأمان بالخيانة!! كما أنه تحدث عن واحدة من القضايا التي اكتظت بها صفحات التاريخ، وهي قضية اغتـيـال الأدباء والمثقفين فقط لأنهم استخدموا قلمهم كسلاح وفكرهم كذخيرة في وطنهم، فتكون النتيجة إهدار دمائـهم او تكفـيرهم.
رواية ممتازة ومختلفة، لم يحرق الكاتب مغزاها الرئيسي من الفصول الأولى وإنما بدأ التمهيد له تدريجياً وهذا ما يجعل القاريء متفاعلاً مع الأحداث ومتأثراً بها، رواية رائعة أنهيتها خلال أسبوع على جلسات متقطعة، أنصح بقراءتها.
◾النهاية :
جاءت النهاية حزينة مؤلمة، وبقدر ألمها أراها عادلة ومناسبة جداً للأحداث، كل ما كنت اخشاه هو ترك النهاية لخيال القاريء، إلا أن الكاتب كان يحمل رسالة أصرّ على إيصالها للنهاية.
◾الحبكة :
حبكة جيدة جداً ومحكمة التفاصيل، تسير علي نهج محدد مترابطة احداثه و متتالية.
◾الغلاف :
غلاف بسيط جداً وله علاقة وثيقة بالرواية وأحداثها، وبرغم بساطته فهو ممتنع في ادراك ماهيته إلا بعد القراءة والتمعُّن في الأحداث لمعرفة ما يرمز له كل عنصر من العناصر.
◾الأسلوب :
اعتمد الكاتب اسلوباً بسيطاً سلساً قائماً على التكامل في الأحداث وطرح الحدث من أكثر من اتجاه، وذلك من خلال اعتماده أسلوب الراوي، حيث جعل الكاتب من كل شخصية من الشخصيات الأربع الرئيسية راوياً للأحداث من وجهة نظره ومن واقع نظرته هو، وكأنها لعبة ألغاز وكل راوٍ يكمل الجزء الخاص به في العمل، معظم الأحداث قُصَّت من أكثر من اتجاه مع اختلاف الراوي وبذلك استطاع الكاتب توصيل الصورة الكاملة للحدث، وطرح الأفكار المختلفة للأبطال، وبرغم كونه اسلوباً غير مستحدث وعلى قدر بساطته ،إلا أنني أرى الكاتب كان موفقاً جداً فيه ولم أستطع تخيُّل رواية الأحداث بصورة مُغايرة خاصة مع حساسية الموضوعات التي طرحها الكاتب، فكان لابد للقاريء من رؤية الصورة بأكثر من اتجاه؛ لذا فقد جاء الأسلوب رائعاً مناسباً جداً للأحداث.
◾اللغة :
اعتمد الكاتب لغة عربية فصحى سرداً وحواراً، فجاءت لغته قوية بليغة لا غبار عليها، إذ تعتبر اللغة واحدة من أهم عناصر براعة العمل؛ لقد استخدم الكاتب تنوُّع الألفاظ في إبراز فكرته ولجأ الي التشبيهات البيانية غير المتكلفة للتعبير، وقد جاءت لغته متأثرة ببعض ألفاظ القرآن الكريمة؛ كل ذلك جعل اللغة قوية بليغة ناجحة في التعبير عن الفكرة ومحتوى الرواية.
◾الشخصيات :
تعددت شخصيات الرواية واختلفت، وقد أجاد الكاتب رسم الخطوط العريضة لكل شخصية والتعبير عنها من خلال الأحداث، مما جعل كثرة الشخصيات وتنوعها ليست عائقاً أمام القاريء، إذ ان كل شخصية رئيسية جاءت معبرة عن نفسها ومعبرة عمّا يدور في فلكها من شخصيات ثانوية كان وجودها أيضا ضروري ومؤثر؛ فأصبحت الشخصيات الرئيسية هم رواة العمل وهم أربع شخصيات فقط.
◾اقتباسات من الرواية :
📌"في بعضِ الأحيان يكون اليأسُ مريحًا، الأملُ الضعيف جدًّا هو العذاب بعينه."
📌"ستعرف قدرَ ما أنتَ فيه من بؤسٍ عندما يكون هناك مَن يشاركك نفسَ المصير وتفقده."
📌"العمى والصمم ليسا سيئيْن على الدوام، الأسوأ هو الضرارةُ بعدَ الكشف والطرش بعد السماع."
📌"وحتى لو غاب الجسدُ فمدادُ الحروف لا يغيب."
#فيلا_القاضي
#عمرو_دنقل
#دار_إشراقة #مراجعات_هدير #قراءات_2023