سنوات الجري في المكان > مراجعات رواية سنوات الجري في المكان > مراجعة mohamed ateya

سنوات الجري في المكان - نورا ناجي
تحميل الكتاب

سنوات الجري في المكان

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

بميت يفتتح السرد تبدأ رواية سنوات الجري في المكان، لتكون شخصية سعد وحياته الفاصل ما بين عالمين، عالم ما قبل يناير حين كدحت الأجيال ولم تلحظ الموات المتسلل بتفاني في جسد الوطن ليمهد للانفجار، وبين جيل الثورة الذي لم يتفتح وعيه إلا على الخراب، وعاش الإنفجار الذي بعث بداخله ومضة من الأمل التي سرعان ما خبت، فكانت الثورة بخيباتها وسعد بموته هما المعادل للموات الذي تسلل إلى دواخل الشخصيات المصاحبة لسعد بطل الرواية. ويكون سعد كذلك هو المرآة التي تعكس لنا الفوارق الطبقية وتبين لنا معني الفقر.. سواء بمعاناة أمه لتتكفل بدراسته أو بسفريات أبيه التي فقد فيها حياته في سبيل دراجة وبعض الملابس الجديدة لم تصل إلى مستحقيها.

ركزت الرواية على الحواس، فكانت الحواس هي المرادف للوجود، واختص كل فصل وكل شخصية بحاسة معينة، مارست كل الشخصيات الفن بصورة أو بأخرى، وفقدت كل شخصية الحاسة التي يقوم عليها ما يمارس من فن وبناءً عليه تفقد الشخصية أساس وجودها، ليمثل هذا الفقد رؤية مزدوجة، الرؤية الأولى لتخدم السرد ولترسم تلاشي الشخصيات تأثرا بموت سعد ومن مثله وما يمثلونه، والرؤية الثانية وهي مقابل العدم والتلاشي، فتتم ثنائية الوجود والعدم، لتبين أنه لا حياة حقيقية إلا بالفن.

اعتمدت الرواية على بنية الرواية المجزأة Fragmentary novel فكل فصل يمكن قراءته بشكل منفصل، وكل فصل يمثل وسيط فني مختلف، ويمكن بدء القراءة من أي فصل من الفصول، فتتوازي تلك الدائرية مع عنوان النص "الجري في المكان"، وهذا الشكل الذي لا يحمل حبكة مركزية ظاهرة، يتناسب مع تعقيدات العالم الحديث ويبرز العجز عن تمثيل حدث ضخم مثل الثورة، ومن تجليات ذلك ظهور الرواية كمعرض كولاجي ينتهي ليكون نص واعي بذاته، حين تعلن إحدى الشخصيات في آخر كلمات الرواية أنها بصدد كتابة رواية، ويذيب ذلك الفارق ما بين الواقع والخيال، ويزداد ذلك الغموض لأن الكاتبة تعتمد على التخييل الذاتي مع العودة لكثير من الحوادث الحقيقية، ويكثف ذلك التأثير أكثر حين نقرأ في مفتتح أحد الفصول المواعيد الأسبوعية للمعرض، ولا أستبعد أن يقوم أحد القراء بالبحث عن المعرض فعليا، وبرغم أن الفصل الأخير عن كاتبة تكتب رواية وهي الرواية التي كُتبت بالفعل، إلا أن الفصل لم يكرر أي أحداث عرُضت في الفصول السابقة فإما أن يعرضها برؤية مختلفة أو يتمها.. ظهرت تلك الأشكال المجزأة في السرد مع عصر الحداثة وما بعد الحداثة، وفي حين أنها في عهد الحداثة مثلت محاولة لخلق معنى من الفوضى ومحاولة إيجاد الوحدة في عالم متشظى، إلا إنها في عالم ما بعد الحداثة مثلت يأس الكتاب من إيجاد المعنى أو استعادة التكامل في عالم مجزأ. وربما اختارت الكاتبة طريقًا وسطا ما بين الحالتين، انتهت الرواية بموت شخصيتين بالفعل، ولكن يظل هناك من الشخصيات من تمسك بقيم مثل الحب والوفاء والفن.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق