ارض الغربان ...
رواية خيالية فلسفية تأخذ القارئ في رحلة مع فارس حياته،و مشاكله، قناعاته ،حتى أوهامه .
استخدم الكاتب في هذه الرواية أو قد اسميها في هذه الرحلة (لأنها عبارة عن رحلة مع الذات لترى ما لم تكن تراه) جملا بليغة فقد كانت قليلة الكلمات عميقة المعنى و كثيرا منها كانت على لسان الجد حكيم الذي ذكرني كثيرا يجدي رحمه الله في حكمته و قصصه المليئة بالتشويق .
لقد كان فارس يعيش في مكان غريب حيث الزمن يمر بالوان القمصان و الرزق يأتي عبر البحر لتلتقطه شباك الصيادين و هناك كذلك مدينة الظلام المدينة التي يرى كل شخص خريطتها بطريقته و ليست هي فقط بل القمر أيضا اختلف في رؤية ضياءه من ينظر اليه منهم من يراه مضيئا مكتملا و منهم من يراه مظلما ، و تأخذنا احداث رحلة فارس في عديد من الطرق عند رحيل أمه و انتقالها لمدينة الظلام و عيشه حياة الفقر مع عم ايوب في بيت الشاطئ بوجود تلك المكتبة المليئة بكتب أمه التي كانت مولعة بالقراءة و الكتابة وتفكيره الدائم في بيعها، وكان مصدر رزقه هو مايرسله له البحر لكنه طالما شكك في عدل البحر و أنه يعطي من لا يستحق .
و هكذا تمر الأحداث مع تغير لون قميص فارس يلتقي بحرية و ينفصل عنها لجفائه و انانيته و حبه لاكتساب ما ليس في يده،تتزوج هي من صديقه و يذهب هو للقصر الوهمي يتناول عشبة القمر و بالها من عشبة غريبة دفعته لعالم من النشوة و الاوهام ،خروجه من القصر المشؤوم بأعجوبة ،لقاؤه لخالد و حديثهما معا عن أسطورة عشبة القمر و الساحر التي تحقق الاحلام و تجعلك سعيدا، قراره بسرقة عشبة القمر ،مرور جالب الخير الذي كان يأخذ من الناس اعز ممتلكاتهم ليعطيهم البحر رزقا وفيرا في المقابل و عدم إعطائه له شيئا كالعادة ،انبهاره بإيجاد عشبة البحر في صندوق الطحالب، ذهابه في الرحلة مع خالد و استكماله إياها بمفرده حيث ظهر في هذا الجزء من الرواية الكثير من المهارة الأدبية الخيالية الفلسفية حيث رأى فارس نفسه في عديد من الأشكال و الأشخاص فتارة كان غنيا مترفا غليظا ظالما و تارة كان غرابا يحوم حول منزله و تارة كان عجوزا أفنى عمره في زراعة عشبة القمر و قابل جده لينير له الطريق و يكون صوت وعيه الذي طالما سد أذنيه عنه ،و رؤيته نفسه في عدة أشكال كان سيحدث إحداها إذا سارت حياته بنهج مختلف عما سرت عليه مع كل تقلباتها .
ثم تذكر ذكريات عديدة له و أمه و أبيه ولوحة الشجرة التي رسمتها أمه على تلك الصخرة المفضلة لديهما التي كانت رمزا رائعا للتعبير عن الاخلاص و الولاء للاماكن و نص أمه الأخير الذي اعجبني كثيرا حيث شبهت القمر بالمستقبل و مدينة الظلام بالماضي و البحر بالرزق و الشاطئ بالحاضر واخيرا تعلم فارس و تعلمت معه العديد من القيم منها الرضا و القناعة و ترك الماضي و التفاؤل بالمستقبل و ما يحمله و الايمان ان الرزق بيد الله و التركيز على النعم في حياتنا و شكر الله عليها .