إنسانيّ مفرط في إنسانيته؛ كتاب للمفكرين الأحرار - الكتاب الأول > مراجعات كتاب إنسانيّ مفرط في إنسانيته؛ كتاب للمفكرين الأحرار - الكتاب الأول > مراجعة Mohammad Alloush

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

"أصدقاء الفرحة، القلوب المفعمة حرية،

امنحوا هذا الكتاب الطائش

أذناً، قلباً مفتوحاً ومأوى!

صدقوني أصدقائي، ما كان لعنةً

عليّ هذا التهور!"

ضحكة مجلجلة يطلقها نيتشه، فتسمع صداها بين صفحات الكتاب؛ فالأمر لدى نيتشه لا يستحق أكثر من ضحكة مجلجلة، ذلك أن ما كان يبدو كبيرًا إنما هو فارغ في الحقيقة، مجرد من كل معنى.

فالعقل الحاد العنيف، جارف التأثير، يرى أن المسيرة المتصلة والشاقة للعلم ستتكفل بمهمة القضاء على كل المفاهيم المميزة لعالمنا الظاهري (الذي تشكّل نسيجه من أخطائنا الذهنية، ومن التصور المتوارث لدينا عن العالم).

"إن هذا الذي نسميه اليوم عالماً هو حصيلة لجملة من الأخطاء والخيالات التي نشأت شيئًا فشيئًا ضمن التطور العام للكائنات، وتداخلت في تطورها، ثم ورثناها اليوم ككنز من محصل مجمل الماضي — ككنز، ذلك أن قيمة إنسانيتنا قائمة عليه."

يتيح الكتاب للقارئ أن يغدو راضيًا بتحليقه الحر والخالي من المخاوف فوق بقية البشر والعادات والتقاليد والتقييمات التقليدية للأشياء.

ويعرف نيتشه جيدًا كيف يعبّر بوضوح عن أفكاره، دون أن يحرم القارئ من الشهوة التي تجعله يركض وراء الفكرة، وهي تلوّح مرفرفة فوق رأسه، مبدعةِ حياة، مانحةِ قوة، محمِّسة ومنيرة.

وكما أراد له نيتشه، يخرج المرء من قراءة الكتاب ليس دون شيء من الريبة والتوجس حتى اتجاه الأخلاق، بل مع قدر قليل من الإغراء والتشجيع على أن يجعل من نفسه المدافع عن أسوأ الأشياء، كما لو أنها الأكثر عرضة للافتراء.

"وقد سُميت كتاباتي بمدرسة للريب، بل وللاحتقار، وللشجاعة أيضًا لحسن الحظ، بل وللتهور حتى، وبالفعل، فأنا أيضًا لا أعتقد أن أحدًا قد نظر للعالم بمثل هذه الريبة العميقة."

هكذا يحدثنا الصوت الذَّاوي لقنّاص الطيور، واللا أخلاقي العريق، صاحب الوجدان المتقد والعقل القاطع!

"ما أجده، ما أبحث عنه،

هل حدّث به يومًا كتاب؟

أكرموا فيّ عصبة الحمق،

وتعلّموا من كتاب الحمق هذا

كيف يؤوب العقل إلى الصواب!"

ثم ماذا؟

كل ما هو إنساني غير جدير بالجدية... ومع ذلك!

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق