هكذا ربانا جدي "علي الطنطاوي "
لقد قالوا قديماً : "من شبّ على شيء شاب عليه"، وأنا أدركت
جدي وعمره ستون عاماً، فهل استطاع التغلب تماماً على كل عيوبه؟
بالطبع لا، لكن اهتمامه ببيان هذه العيوب وحرصه على إصلاحها
وتقبله للنقد وسعيه نحو الأفضل، كل أولئك كان يجعله في نظري أكبر
وأكبر ويزيدني به إعجاباً وله احتراماً وتقديراً.
💟💟💟💟💟💟💟�
القوة لا تعني القسوة، ولو كانت كذلك لكان النبي
أضعف الناس. ليكن اعتمادكم في تربية أبنائكم على المحبة
والمودة والرحمة، وتذكروا أنكم تكبرون فتضعفون ويكبرون
فيقوون، فإن زرعتم فيهم المحبة صغاراً كنتم أول من يجني
ثمارها الحلوة حين تكبرون ويكبرون.
🍂🍃🍂🍃🍂🍃�
فالصياح يفقد المربي هيبته، والانفعال يقلل
من احترامه ويدني منزلته
قد يكون المربي اليوم هو الأقوى وهو الأقدر لكنه غداً الأضعف
والأحوج إلى الرعاية والعناية والبر والحب، وما لم يفكر đذا ويضعه في
حسبانه فإنه الخاسر الأكبر؛ فالقهر يوغر الصدر، والظلم يورث الحقد،
والكبت يؤدي إلى التمرد، والضغط يولّد الانفجار.
المرء مطالَب أن يعطي قبل أن يأخذ، وعلى المربي -إن أراد أن
ي ُسمَ ع وي ُطاع- أن يقدم أولاً المحبة والاهتمام. تلك قاعدة ذهبية في
التربية طبقها جدي في حياته وعلاقته ببناته وأسباطه. ولقد بلغ جدي
اليوم التسعين وتغيرت فيه وفي مَ نْ حوله أشياء كثيرة إلا الحب والود
اللذين زرعهما فينا وربانا عليهما، واللذين ما يزالان يحملاننا على
زيارته وبرّ ه والسعي إلى إرضائه في كل حال وفي كل حين.
🌸🌼🌸🌼🌸🌼🌸�
تعلمت من جدي أن أنزل إلى مستوى الصغار لأفهمهم،
وأن أعيش ساعات في عالمهم لأوجههم، فوجدت أن
كلمة - من التوجيه- في جوٍ من المودة والقرب والاسترخاء
تعدل ألف كلمة في جوٍ من التوتر والجد والانفعال.
🌺🌻🌺🌻🌺🌻�
فيا أيها الآباء:
ادخلوا إلى عالم أولادكم وعيشوا معهم في الجوالذي يعيشون
وخاطبوهم باللغة التي يفهمون ويألفون. ابتكروا في أساليب الترفيه مما
ي ُشعر أبناءكم بتفوقكم الكبير عليهم حتى في عالمهم، فيستجيبوا لكم،
ويسهل عليكم قيادهم. احملوا السرور إلى حياēم واحرصوا على
تسليتهم بما هو مباح، واعلموا أن لكم بالفرحة التي تُدخلوا إلى
قلوبهم أجراً ومثوبة من االله. ثم استغلوا هذه اللحظات من القرب
والتبسط لتوجهوا كيف تشاؤون وتزر عوا من المفاهيم والقيم والأفكار ما
تريدون.