كافكا على الشاطئ > مراجعات رواية كافكا على الشاطئ > مراجعة بلال سعادة

كافكا على الشاطئ - هاروكي موراكامي, إيمان حرز الله, سامر أبو هواش
أبلغوني عند توفره

كافكا على الشاطئ

تأليف (تأليف) (ترجمة) (مراجعة) 4.1
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

كافكا على الشاطئ .

.

عقلٌ كونيٌّ في قلبٍ رجلٍ بشري (هاروكي مواراكامي)

مُملّةٌ من الصفحة الأولى ! . . يا إلهي , هل يُعقل أنني دفعتُ اثني عشرَ دولارًا على هذه "التفاهة" ؟

تساؤلات , تساؤلات .. وحينما تبدأ بطرحِ التساؤلاتِ فإنك تسير على الطريق الصحيح الذي لن تجدُ له نِهايةً أبدًا ! .

كافكا على الشاطئ .

روايةٌ يابانية , تُرجمت إلى العربيّةِ أكثرَ من ترجمةٍ منها : ترجمةُ المركزِ العربيِّ (إيمان رزق الله) , وترجمةُ (مشروع كلمة) وهي الترجمة التي أنصح بها , وهي من الرواياتِ الطويلة التي تقعُ في أزيد من 600 صفحة (620) .

نصائحٌ من القلب قبل أن تقرأ الرواية .

لملم شتاتكَ :

لا تبدأ قراءة الروايةِ في الباصِ أو السيارةِ , أو في مكانٍ يشغلُ فيهِ المؤثرُّ الخارجيُّ عقلك , وإلا تفعل ستغرقُ في الصفحاتِ الأولى من الرواية , ستجدها مُملّةً وستستقرُّ تحت الغبار هناكَ على الرفِّ الخشبي , كما وأنصحكَ بأن تُجرّدَ نفسكَ من الأحكامِ المسبقةِ أو أية شعورٍ يراودكَ قبل أن تُمسكَ صفحاتِ أيِّ كتابٍ جديدٍ يقع بين يديك .

إياكَ. . ثم إياك . . أن تقرأ الفصول الزوجيّةَ ثم تعود لقراءة الفرديّة .

الروايةُ قصّتان (سأفصّلُ هذا لاحقاً) متوازيتان ثم متقاطعتان , عددُ فصولهما الكامل : 49 فصلاً , أخذت قصةُ (كافكا تامورا) الفصول الفرديّةَ منها , بينما أخذت قصةُ (ناكاتا – ناكانو) الفصول الزوجيّة , وتتقلبُّ الروايةُ بينَ هاتينِ القصتين ; فصلٌ عن قصةِ كافكا تامورا , والفصل الذي يليهِ عن (ناكاتا- ناكانو) , بالمناسبة : مان هذا تحذيرًا من مواكامي نفسه على مدونته الشخصية .

لذلك فإياكَ أن تحاولَ استباقَ فصلٍ لترى تكملةَ القصةِ السابقة , لأنكَ ستفُّوتُ على نفسكَ شطرًا من المعلوماتِ التي ستساعدكِ في بناءِ النتائجِ والنظرياتِ

خذ ملاحظاتك وخصص للروايةِ دفتراً صغيراً .

كما تقرأ هذه السطور بأمِّ عينيكَ أقول لك : ستعيدُ تقليبَ الأوراقِ كثيراً , ستعودٍ إلى (معلومةٍ ما سبقَ ذكرها , ستجدُ طرفَ خيطٍ في (صفحةٍ ما) قرأتها لتربطها (بشيء ما) قرأته في الفصول السابقة , وحتى تتمكن من جمعِ أطراف الخيوط , عليكَ أن تُأخذ بقول الشاعر

العلمُ صيدٌ والكتابةُ قيدُهُ

قيّد صيودكَ بالحبالِ الواثقة

صُغ نظرياتكِ ولا تحاول حلّها , لأنكَ ببساطةٍ لن تستطيع! .

نعم ! ستطرحُ تساؤلاتٍ كثيرةً , ولا أنصحكَ بمحاولةِ إيجادِ الحل ; شعور الحيرةِ الذي يُصيبكَ هو الهدفُ من كُلِّ هذا , وهنا تعمّدَ موراكامي في الصفحاتِ الأولى أن يكسر بعض النتائجِ المتوقعة , لكنّهُ تركَ الفرضياتِ عامةً من النصفِ الثاني من الرواية , والغريبُ في الأمر ! , أنكَ ستجدُ في الروايةِ عدّةَ أدلّةٍ تُثبت فرضيّاتك وتنفيها في نفس الوقت .

مُلخُّص الرواية

تُقسمُ الروايةُ إلى قصتينِ متوازيتينِ زمانيّاً ومكانياً , تُسردُ كُلُّ قصةٍ في فصلٍ مستقلٍّ ; تسيرانِ في خطٍ متوازٍ حتى المئةِ والخمسين صفحة الأخيرة – على حدِّ توقّعي- ثم تدخلُ الشخصياتُ كُلها حيّزاً واحداً , مع بقاءِ نوعٍ ما من الاستقلاليّةِ ; فإن دخلت الشخصياتُ حيّزَ (كافكا) تُجدُ الأحداثَ تصبُّ في قصةِ كافكا , وإن دخلت الشخصياتُ قصةَ (ناكاتا- ناكانو) تجدها تصبُّ في قصته , وهكذا حتى الصفحاتِ الأخيرة.

القيمةُ الفلسفيّةُ في الرواية : هكذا هي الحياة

تُعرضُ الأحداثُ في الروايةِ من منظورٍ كتابيٍّ إبداعيٍّ يُسمى (التشظّي الزمني) , يعرضُ هذا "التكنيك" الأحداثَ مُبتعداً عن مُتلازمةِ (السبب يؤدي إلى النتيجة) , لتحصلُ على شبكةٍ متتابعةٍ من الأحداثِ التي لن تستطيعَ فهمها وحدها دون ربطها شكلياً ومضموناً ببقيّةِ الأحداث , ولربّما تتوافق هذه الرؤية مع أسلوب حياتنا الحديث , حياةٌ مليئةٌ بالأحداث غير المترابطةِ , شكلٌ عبثيٌّ لا تلتزمُ فيه النتائجُ الخروجَ منطقيّاً من أسبابٍ ظاهرة .

التشظي الزمني : طريقةُ السردِ التي قدّمتها قصة (الكرز المنسي – زكريا تامر) نفسها , مع فارق المستوى طبعاً !

هل يحاول موراكامي أن يستعرضَ ثقافته ؟ , أو أصنافَ الأكل التي يحبّها , وماذا يُحاول أن يقول من كل هذا !

إلى حدٍ ما أقول نعم !

لم يكن مُوفقاً كثيراً في بعض الاقتباسات والقصص التي طرحها - من وجهةِ نظري - ضمن ما يُمكن أن يكونَ قصةً جديدةً ثالثةً بحدِّ ذاتهِا قد تُسمى (نقاشات كافكا- أوشيما) (ناكاتا-هوشينو), وهي تلكَ النقاشات التي تحّدث كُلُّ زوجٍ فيها عن جُملةٍ من العلوم , الآداب , التاريخ الياباني , الموسيقى والفنون , أنواع الطعام , الجنس والنساء , الرياضة , المؤرّخين , الحرب العالمية الثانية , النظام الرأسمالي ,الأنيمشن والمانجا , الانتفاضة الفلسطينية , فراس كافكا , ت . س. إليوت , بتهوفن , تولستوي , أوديب , تشيخوف ,دستويفسكي , كنت , جان جاك روسو ’ نابليون , بيندل , . . إلخ .

ومن المُلاحظِ أن موراكامي مُفعمٌ بالإعجابِ بالحضارةِ الغربيّةِ عامةً , والأروبيّةِ خاصةً .

ستجدُ نفسكَ في النهايةِ قد خرجتَ بمعلوماتٍ عامةٍ كثيرة على هامش الرواية نفسها , وهذا قد يؤيّدُ فرضيّةَ أن موراكامي نفسه لم يهتمَّ كثيراً بنتائجِ الأحداث على حساب الشعور غير النمطي الذي سيؤدي فيكَ بالنهايةِ أن تكونَ حائراً ولا يوصلكَ إلى نتيجةٍ , وأنا شبهُ متأكدٍ أن موراكامي نفسه لن يستطيعَ الإجابةَ على بعض التساؤلاتِ التي ضمّنها روايته , ولا عيبَ في "رّشةِ " معلوماتٍ عامةٍ على هذا "الشعور اللذيذ" .

والسريالية العالية في طيّات النص

في اللحظةِ الي يتكونُ فيها المزيجُ بين الماضي والحاضر وتلتقي الروايات , تدخل الروايةِّ حيّزَ التشابك , ستجدُ نفسكَ في عالمٍ شبيهٍ بعالمِ (Steam bunk) : عالمٌ يدمجُ بين الماضي والحاضر , قُدرةُ موراكامي على وضعِ أحداثٍ سريالية غيرٍ مفهومة وغيرِ منطقيّةٍ ممُتدةٍ زمانياً , يرتكزُ بالنهايةِ على جزءٍ من الثقافةِ اليابانيّةِ العجيبة , تشبهُ الأحداثُ في آليّةِ سبكها لوحات (سلفادور دالي) , حيثُ تشعرُ إلى حدٍّ ما بأن العبثيّةَ في الرواياتِ مُنتظمةٍ في أشكالٍ مُشوّهةٍ يمكنُ قبولها داخل الإطار الزمني , لكنّها بحد ذاتها لا تُعبرُّ عن شيء , سوى سرياليتها الخاصة بها , لذلك فإن النظرَّ إلى لوحةٍ من لوحاتِ سلفادور , يشبهُ تصّور سقوطِ ألفي سمكةِ أسقمري , أو سقوط العلقِ من السماء , وتلك اللحظةُ التي يخرجُ فيها الكائن الصغيرُ من جسدِ ناكاتا , يشبهُ مشهداً مُدويّاتً من مشاهد (Bleach) , عقدة أوديب والنبوءة , مُعطياتٌ كثيرةٌ ودفقٌ من المشاعرِ والحيرةِ , ستجتاحك حينما تقرأ الأحداث المفصليّة في الرواية.

معلومةٌ جانبيّة : كان موراكامي من عُشاق لُعبة LSD اليابانية (التي صدرت على جهاز بلاي- ستيشن 1 عام 1998) وتعتبر هذه اللعبة مُلهماً لأحداث (سقوط الأسماك) , حيث ظهر سقوط الأسماك في هذه اللعبة ضمن الحلم 116, 120 في اللعبة

****

شعوري . .

لم تكن قراءة الرواية سهلةً , أذكر أنني بكيتُ عدداً من المرّات , حينما كان كُل شيء بعبثيته يُذكرني بجزءٍ ما في حياتي , حينما ماتت الآنسة ساييكي , حينما مات ناكاتا- ناكانو , حينما تفرّقَ الحبيبان , ومات الحبيبُ مُهشمّ الرأس , حينما هرب كافكا باسمهِ الذي لم يعرفه أحد , تتسربُ الروايةُ شيئاً فشيئاً إلى عقلك الباطن , بطاقتها السلبية والإيجابيّة , بكل حرفٍ فيها , وبكل تفاصيلها .

ما أرجوه هو . . أن تمتلكَ الأداة الروائية العربيةُ القدرة على صياغةٍ أعمالٍ تصلُ إلى هذا المستوى , هناك نعم بعض المُحاولاتِ الخجولة , لكنّها تبقى محاولاتٍ لا أكثر

أنصحكم بقراءة هذه الرواية . . وفي الصفحة الأخيرة أرجو منكَ أن تفعلَ ما فعلت . .

حاول أن تنهي قراءة الجزء الأخير من الرواية قبل النوم . . واتّبعِ إرشاداتِ (كرو- الغراب) . . عليكَ أن تنامَ بشدّةٍ . .

لتفيق بعدها . . في عالمٍ جديد .

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق